صحافتنا الورقية في مفترق طرق: إما مضمون قوي أو اندثار

الشوارع/المحرر

على الرغم من الحقنات والمقويات وحصص السيروم التي دأبت الدولة على إنعاش الصحف المغربية بها من المال العام دوريا،كي تبقى على قيد الحياة “عسى ولعل”، فإن مؤشرات المبيعات ونسيان القاريء المغربي عموما للجرائر يقول إن الصحافة الورقية ببلادنا وصلت تقريبا إلى نهاية الطريق.

ولم يعد سرا يستتر أن واقع الغالبية الساحقة من مؤسسات الصحافة الورقية حزبية وخاصة يبعث على الرثاء إذا استحضرنا واقع العاملين بها والمردودية المالية المفترضة لها.

وخلال السنوات الخمس المنصرفة ارتفع منسوب اليأس لدى ملاك الصحف من إمكاينة الاستمرار على قيد الطباعة والتوزيع، بينما تفرق  القراء وارحوا دافنين بصرهم في هواتفهم ينابعون الاخبار من مصادر أخرى تكون غالبا مرتبطة بما ينشر عبر شبكات التواصل الاجتماعي.

وجاء مرحلة “كوفيد” لتضرب آخر مسمار في نعش ما عرف عند المغاربة بـ”الجورنان”، وارتفع نحيب الناشرين وجاءت الإغاثة من صناديق الدولة ولكن الدعم الرسمي السخي لم يفلح في وقف النزيف.

ولكن مقاربة هذه الحالة المغربية يتم بالطريقة نفسها التي تتعامل بها الحكومة المغربية مع ارتفاع الأسعار بسبب “السياق الدولي والحرب في اوكرانيا”.

يتذرع ناشرونا بالتراجع الدولي في سوق الصحافة الورقية. وهذا حق أريد به هروب من الأسباب الحقيقية للتراجع التراجيدي للاقبال على صحفنا بالمغرب.

فهناك صحف بالغرب ــ مهد التكنلوجيا وصانع الانترنت ــ تراجعت قليلا ولكنها بقيت، وصحف أخرى تحولت من اليومي إلى الاسبوعي، وأخرى تخصصت في الاستقصاء الذي لا تقوى عليه صحافة النت الشبيهة بالأكلات السريعة، فيما صحف أمريكية بدل أن تتدنى فقد وظفت الانترنت لرفع معدلات توزيعها.

في المغرب سوف يأتي يوم وترفع الدولة يدها عن أي دعم وتترك أرباب الصحف لواقع وقوانين السوق: من غلب كسب ومن عز بز.

ليس هناك طريق ثالث للأسف أمام صحفنا الورقية، فإما تحول حقيقي وتطوير جريء في المضمون أو الانقراض في صمت ولن يكون لها بعدها من بواك.

والصورة التي تنشرها “الشوارع” تقول كل شيء: القراء لم يختفوا بل مازالوا بأعداد لا تستوعبها عقول الناشرين، إنهم ينتظرون مضمونا وهم مستعدون فضلا عن دفع ثمن الصحيفة، للبحث بين السطور بالشمعة والقنديل والنظارات   مع عدسات مكبرة للحروف…تمعنوا في القاريء جيدا وكيف استعان على ضعف بصره بنظارات طبية عززها بعدسة يدوية وكأنه يدقق في مخطوطات تاريخية…لماذا؟ لكي يقرأ….

قال أحد الفلاسفة يوما إن الأفكار في الهواء فمن يلتقطها..ونقول نحن إن القراء في كل مكان فمن يقنعهم بأن جرائدنا تستحق مالهم ونور عيونهم؟

www.achawari.com

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد