بالمغرب فقط يتعايش ماركس وابن تيمية في السكن والعمل والبرلمان والحكومة

 
متابعة

“أفرزت كواليس ووقائع المؤتمر الرابع للحزب الاشتراكي الموحد المغربي، الذي نظم أخيراً تحت شعار “دعم النضالات الشعبية من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية”، عدة دلالات سياسية، تتعلق بذهنية وفكر اليسار المغربي، وعلاقة هذا الطيف مع تيار الإسلاميين في المملكة.
وبدا واضحاً أن الحزب الاشتراكي الموحد اليساري المعارض، الذي يمثله نائبان فقط في مجلس النواب، بعد مشاركته في الانتخابات التشريعية في أكتوبر/ تشرين الأول 2016، بخلاف إحجامه عن المشاركة في الانتخابات التي سبقتها، يسير في اتجاه تكريس “القطيعة” مع الإسلاميين في المغرب، سواء المشاركين في الحكومة أو المعارضين للنظام السياسي بالبلاد.
……
وظهر هذا التوجه من خلال رفض هذا الحزب اليساري لاستدعاء حزب العدالة والتنمية، القائد للحكومة وذي المرجعية الإسلامية، وجماعة العدل والإحسان، أكبر تنظيم إسلامي معارض، فيما استضاف الحزب العديد من الأحزاب السياسية والهيئات النقابية والحقوقية والضيوف الآخرين. ورفض حضور إسلاميي الحكومة والمعارضة على حد سواء للمؤتمر، يعطي قناعة أساسية مفادها أن الحزب الاشتراكي الموحد، الطامح إلى انصهار أحزاب اليسار في بوتقة واحدة قبيل الانتخابات المقبلة، يبصم على مرحلة مقبلة تتسم بالتنافر والقطع مع أي تواصل مع أحزاب وهيئات وجماعات الإسلاميين.
…..
ويبدو هذا التوجه منطقياً عند قطاع كبير من اليسار المعارض في المغرب، بما أنه يرى في أدبياته السياسية أن “الأصولية الدينية المتطرفة تستفيد من الأوضاع في البلاد، عبر استغلال الدين لأغراض سياسية تخدم الاستبداد والفساد والرجعية”.  
موقع “العربي” ــ حسن الأشرف

= من عندنا:
القاريء المفترض لهذا المقال من خارج السياق المغربي سيظن أن بالمغرب إسلاميين على شاكلة مصر، أو وهابيين كما في جزيرة العرب فضلا عن شعب من اليسار كما أيام ستالين. والحال أن تقديما بهذا التهويل الدراماتيكي لوضعية المغرب سيولد انطباعا غير واقعي لأي متلق غير مغربي، عن حقيقة الأوضاع.
في المغرب حالة خاصة: الإسلاميون بكل أطيافهم ليسوا كإسلاميي الشرق لأنهم نبتوا في التربة المغربية، و حتى لفظة “إسلامي” لا تنطبق على المغاربة ولا هي من صنعهم لأنها صنعت صنعا في مختبرات فرنسا قبل عقود لأغراض اتضحت لاحقا. واليسار المغربي ــ الحالي على الأقل ــ لا يمكن وصفه بالرقم الذي يمكن أن يغير من المعادلة شيئا حتى لو حشد كل أنصاره، وبقيادة نبيلة منيب وانضمام كافة رفاق الزعيم الأشقر.
عندنا ــ وفقط عندنا ــ يمكن لابن تيمية أن يجاور ماركس في السكن والعمل والبرلمان والحكومة بلا أدنى مشكلة،كما لا خصام بين أبي العتاهية المغربي السوسي و أبي نواس المراكشي في الجامعة والمكتبة والجمعية الثقافية والشارع عموما.
في المغرب تسقط جميع الكليشيهات وتندحر كافة باراديغمات اليسار بترسانته المفاهيمية قبالة شمس الحقيقة المغربية الساطعة: نظام سياسي ضارب في العمق ويجمع بين الشرعية التاريخية والشرعية الدينية، ويسار لم يكن في أغلبيته الساحقة انقلابيا ثم مغاربة ليسوا بنفحة “تدينية” يسمون مجازا إسلاميين يبذون بعض المعارضة للحكم لا للنظام السياسي ولا تنكروا لإمارة المؤمنين. قد يكونون أكثر نقدا لبعض السياسيات، هذا وارد، إنما ليسوا كما وصفهم المقال أعلاه.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد