للكرة سلطان..قصة تحول دومو إلى منشفة امتصت احتقان بلقصيري

 أحمد التــجاني

  مخطئ من يرى في رئيس عصبة الغرب حكيم دومو فقط ذلك الذئب غير الشريف الذي نسف أحلام الكثيرين، وقرر للسنة الثانية على التوالي دونا عن كل العصب، سدا معيقا لجزاء فريق هيمن على المنافسة على مدار الموسم..

 ماذا لو انتبهنا للجزءالمملوء من الكأس، وتناسينا الفارغ؟

  الأحد الماضي كان يوما مشهودا، أعاد للذاكرة صورا من محطات مشابهة من قبيل سد تسعينيات القرن الماضي أمام وجدة بفاس وبعدها فريق الخميسات الأول  بالقنيطرة.. نفس الأجواء وذات الإلتفاف حول فريق عمل بلقصيري   ما أثار انتباهي الأحد الماضي هو أن كل الأطياف المحلية تناست فجأة كل الحسابات سواء الحزبية أو الجمعوية أو الشخصية، بل حتى الحسابات الرياضية، وتوحدت حول فريق كرة القدم!!

 نعم كرة القدم.. تلك التافهة التي يستهزء منها السياسي ويعتبرها الوجهاء تفاهة لا تناسب إلا الفقراء.

  الأحد الماضي، تحول دومو من حيث لا يدري لمنشفة إسفنجية امتصت كمية الإحتقان والغضب المحلي بتلاوينه، ولو إلى حين، من كل شيء يهم الشأن المحلي،من معضلة مركزه الصحي، فواتير مائه المنتفخة من “رطوبة” الخوصصة، الشوارع والأزقة التي تحولت مرمى للنفايات، الموضوع الذي تغيب عني المعطيات للجزم فيه والذي يهم فضيحة الموظفين الأشباح التي طالت مستشارين في علاقتهم بشركة النظافة، الصراحات التي أسميها جمعوية تعسفا والتي عصفت وتعصف بالتكثل المطلوب  من السكان لتحقيق المطالب وحلحلة الأوضاع،وصولا لعجلة التنمية التي لن أقول إنها متوقفة لأننا لم نمتلكها يوما، على الأقل طيلة فترة إدراكي.

        

كل هذا وغيره كثير، امتصه الحاج دومو الذي أضحى العدو الأوحد، واستطاع ملعب دومو، أو “الحفرة” كما علق أحدهم ، أن يتحول لمحج يبتهل حوله الحجيج، منهم من يترجى من العلي القدير أن يرفع الغبن، وآخرون من اللاجئين للكرة طلبا لصكوك الغفران.. فهل تستجيب الكرة لكل الدموع؟ وهل للكرة أصلا كل هذه الحضوة، أم أنها كالمومس، يتم اللجوء إليها فقط عند الحاجة، ويستعر منها بعد إشباع؟

 

 اجتماعيا أيضا، وفجأة، اندثرت كل الخلافات والمتطور منها لأحقاد، والتحام الجميع حول هدف واحد.

  الأمر الذي يعتبر مستحيلا عند نقاش الأوضاع الاجتماعية الكارثية التي تحتاج نفس اللحمة ونفس التكثل، لكن لعن الله أسباب التفرقة..وغمر بالهداية مسبيها.

 إذا، مادام هذا الجفاء لم تكسره إلا الرياضة وعلى رأسها فريق الكرة  بالـ “المشرع”، فلماذا لا نطيل زمن التعايش، ونستثمر في النجاح الوحيد الذي عرفته وتعرفه المدينة عبر كل الأزمنة السياسية وفاعليها، دعونا لا نبرح هذا الصرح، ودعمه عبر تطوير أهدافه لتكون أكثر سموا من مجرد حلم الصعود، بالإستثمار في العنصر البشري وخلق البنيات التحتية الكفيلة بتطوير ملكاته وطبائع التربية، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فالملعب البلدي ومحيطه يمكن أن يستقطب جميع شرائح  المجتمع سواء للممارسة أو لمجرد الإستمتاع، ويكفي الإستيقاظ باكرا والتوجه للملعب للتأكد من هذا المعطى، أما مقر مدرسة التكوين فيمكنه أن يضخ موارد قارة محترمة بميزانية الفريق لمسايرة تطور الأهداف..

وبالحديث عن العنصر البشري، فإن انخراط المؤسسات التعليمية الخاصة والعمومية وأيضا مؤسسات رعاية ذوي الإحتياجات الخاصة، سيجعل الرياضة في ارتباطها بالثقافة والتربية والتعليم والتوجيه والمواكبة فعلا، مشروعا مجتمعيا متكاملا، إذ لا أكاد أستسيغ هذا الخطأ الكارثي المرتكب من الدولة في حق طفولتنا بحرمانها من الرياضة طيلة فترة التعليم الإبتدائي  مع أن كتبهم لا تكاد تخلو من عبارة “العقل السليم في الجسم  السليم” إذا أين؟ ومن سيؤهل الجسم ليكون سليما حتى يستوعب عقلا سليما؟؟؟   

 أعتذر عن هذا  الاستطراد /السهو العرضي عن الموضوع. قلت إن كل هذه المعطيات ستمكننا من مشروع مجتمعي متكامل، يتوفر على أرضية غنية بأسباب نجاح أي مشروع تنموي وقبوله لذا المؤسسات الإدارات الداعمة..

  أما الوقوف موقف العاجز سيفضي إلى عجز مركب، إن لم نكن نعيشه فعليا بكل تراكيبه اليوم..

 لا أتطرق لهذا الموضوع بالوضوح اللازم تشاؤما، ولا لتهجم مجاني على أحد، فكل مواكب للوضع بتجرد يعلم أن القصور والتزمت  في العقلية الحزبية المتعاقبة على تسيير شأن المدينة منذ تسعينيات القرن الماضي على الأقل، “ومقاربة” شراء  الذمم  والتجييش القبلي والإمعان في قصف الأشخاص عوض مناقشة الأفكار..كل هذه المحبطات هي ما أفرغ المدينة ومحيطها من كل مقومات التنمية الشاملة، وليس شخصا بعينه.

    

 

أردت فحسب أن ألفت الانتباه لسلطة “الجلدة” وقدرتها عل لعب دور القاطرة  لتنمية شاملة ومستدامة لم تطأ قدماها يوما “حفرتنا” العزيزة، وذلك برغبتنا وعن  نية وسوء بصيرة..

فالكرة قادرة على إصلاح العلاقات الإنسانية، وتعوض الحسابات والإحتقان المجاني بالقدرة على الترفع عن الصغائر، والميول للتآزر والتكثل، بل، للرغبة في الفرح والإقبال على تفاؤل دائم، وليس سعادة مؤقتة بنتيجة مباراة أو تحقيق حلم الصعود.

للتواصل مع الكاتب: [email protected]

www.achawari.com

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد