المرحوم في الثلاجة..”تجميد الأموات” أملا في حياة أخرى

المرحوم في الثلاجة عنوان مستوحى من إحدى أبرز حلقات “العلم والإيمان” للعالم الكبير مصطفى محمود حول وهم الطمع في الإحياء بعد الموت ليعيش بعضهم حياة جديدة على هذه الأرض، ويتعلق الأمر بتجارة بملايير الدولارات في الولايات المتحدة.
قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاما، تجميد جثتها في ثلاجة بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلا.

وقّعت هذه المرأة الأمريكية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقدا مع شركة “توموروو بايوستيتس” الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جدا، لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوما ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لوكالة فرانس برس: “بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل”.

لم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينيات القرن العشرين، مقتصرا على أصحاب الملايين أو الخيار العلمي كما ظهر في فيلم “ذي إمباير سترايكس باك”، الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم “هايبرنيتس” حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي إلى الحياة. توفر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلا، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

وفي حديث إلى وكالة فرانس برس، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة؛ إن أحد أهدافها “هو خفض التكاليف، حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع”.

ولقاء مبلغ شهري قدرها 50 يورو (نحو 52,70 دولارا) تتقاضاه من زبائنها طوال حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم. يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار)، يُدفع بعد الوفاة -75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار)؛ لقاء تجميد الدماغ وحده-، ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

يقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا؛ إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

تشير “توموروو بايوستيتس” إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها وتقول؛ إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023. ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، وهم ذكور أكثر من إناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد “توموروو بايوستيتس” بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصا لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة “حفظ بالتبريد”، ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

في العام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد.

وفي أيار/مايو من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهرا من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد “آي ال كاي” في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جدا.

ويقول لوكالة فرانس برس: “نشكّ في ذلك. أنصح شخصيا بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء”.

ويتابع: “في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد، هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينيات القرن العشرين”.

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: “لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكنا أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعا لا”. بغض النظر عما يمكن أن حدث في المستقبل، تقول زيغلر؛ إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها.

وتضيف: “قد يبدو الأمر غريبا، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان”.
تعليق:
مطلوب من الإنسان البحث العلمي والثقة في العلوم ولكن ليس توهم حياة ثانية على الأرض بعد الموت المحقق، فكل نفس ذائقة الموت. المرحوم هو المرحوم سواء أكله الدود أم ظل مجمدا في ثلاجة بدرجة مائة تحت الصفر. لا جدال.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد