حاوره:عبد النبي اليازيدي
صور:رضوان اللوز
في ظل زمن الوباء والجائحة التي خلخلت الواقع المغربي اقتصاديا واجتماعيا، تعمقت أزمة القطاع الفني بالخصوص، هو المعتمد أساسا على الحياة الاجتماعية والطبيعية حيث يلتقي أهل الفن بجمهورهم. وفي مدينة سيدي قاسم التي تعاني أصلا شحا في الترفيه، لم يبق لهذه المدينة سوى السباحة في نوستالجيا ماض يبدو زاخرا مقارنة باللحظة الحالية.
في الدردشة التالية يأخذنا عبد الخالق بلعربي رئيس الجمعية السينمائية بالمدينة “جواسم” في رحلة ترفرف فوق شجرة الماضي وصحراء الحاضر.. بعين وروح متطلعتين إلى غد أفضل.
هل تستطيع المهرجانات السينمائية حل أزمة إغلاق دور السينما، خصوصا في ظل مخلفات جائحة كورونا؟
المهرجانات السينمائية لا يمكنها أن تسد الفراغ الذي تركه إغلاق العديد من القاعات السينمائية،والتي وصل عددها إلى 30 قاعة بواقع 65 شاشة، منها 9 قاعات بالدار البيضاء،5بالرباط،4بطنجة،4بمراكش،2 بتطوان وواحدة بفاس ووجدة وسلا،عدد جد ضئيل ويتناقض مع الصحوة التي عرفها الإنتاج الوطني،حيث وصلنا إلى 30 فيلم طويل في السنة،ونشغل الريادة عربيا وإفريقيا.
كما يتوفر المغرب على مهرجان دولي بمراكش مصنف ضمن المهرجانات الكبرى عالميا،كما نتوفر وطنيا على أزيد من من 80مهرجان وتظاهرة سينمائية موزعة على مختلف جهات المغرب مصنفة”أ.ب.ج”وتظاهرات أخرى غير مصنفة حسب القانون المنظم للمهرجانات السينمائية بالمغرب ،وستتأثر القاعات والمهرجانات والمسارح والمركبات الثقافية لامحالة بالإجراءات الصحية للحد من انتشار وباء”كوفيد19″،وستكون هذه السنة استثنائية بكل المقاييس،فجميع دول المعمور سيكون فيها للوباء تداعيات على أكثر من مستوى، بل وحتى الثقافي والفني.
محليا، كيف كان وقع إغلاق قاعة سينما وليلي على أنشطة النادي السينمائي بصفة عامة؟
عندما أعيد تأسيس جمعية النادي السينمائي سنة 1990برئاسة عبد الرحمان بنعلي ،تعاقد رئيس النادي آنذاك مع مدير سينما وليلي الحاج عبد الرزاق العلمي،وأصبحت وليلي تحتضن صبيحة كل يوم حصة خاصة بأحد الأفلام المبرمجة بشراكة مع الجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب،وتنتهي الحصة السينمائية بنقاش مفتوح من طرف أعضاء النادي ومنخرطيه الذين جلهم من التلاميذ،وكان المرحوم وعمال القاعة وأبناؤه متعاونون إلى حد كبير مع جمعية النادي السينمائي وفي ضمان استمرار إشعاع النادي السينمائي القاسمي،ومنذ إغلاق سينما وليلي توقفت أنشطة النادي السينمائي الأسبوعية،وحافظت جمعية النادي السنوي ببرمجة مهرجانها السنوي في السينما المغربية،الذي أصبح الفضاء الوحيد لجمهور سيدي قاسم.
هل أنتم مرتاحون للبنيات المستقبلة للفعل الثقافي بمدينتكم سيدي قاسم؟
كما يعلم الجميع ،فمدينة سيدي قاسم تتوفرعلى قاعة كبرى تابعة لمندوبية الشباب والرياضة،كمتنفس حقيقي للمدينة،تصل طاقتها الاستيعابية إلى حوالي 500 مقعد وتحتضن العديد من الأنشطة مثل مهرجان المسرح،تتوفر على الحد الأدنى من الشروط لاستقبال الأعمال المسرحية غير أنها تعاني من تردد الصدى وغياب المرافق الصحية،وغير بعيد عنها قاعة أخرى صغيرة بدار الشباب،تعاني هي الأخرى من مشكل تردد الصدى كما تغيب فيها التجهيزات الرئيسية من إنارة وتقنيات الصوت والعرض،كما تضم المدينة قاعتين تابعتين للجماعة الحضرية،الأولى ينظم بها ملتقى سيدي قاسم للسينما المغربية،وهي صالحة للمحاضرات والاجتماعات،أما القاعة الثانية فتوجد بالخزانة البلدية،وهي على صغرها تحتضن أنشطة لا يتجاوز فيعها عدد الحاضرين 40 فردا.
ونأمل أن يرى النور المركب الثقافي المتعدد الاختصاصات والذي نتمناه بمواصفات حديثة مثل المركب الثقافي لمدينة القنيطرة،والذي سيفك العزلة الثقافية عن مدينة سيدي قاسم،كما آمل أن يرى النور قريبا مركز الاستقبال بطريق طنجة المحادي لمنصة الشباب التي دشنها الحبيب ندير عامل الإقليم،مركز يتوفر على بنية محترمة للتغذية والإيواء وعلى قاعات للتكوين والاجتماعات ستغطي عن الخصاص الموجود في ظل غياب أي فندق مصنف بإقليم سيدي قاسم.
بصفتك رئيسا للنادي السينمائي بسيدي قاسم، ما هو تاريخ القاعات السينمائية بالمدينة؟
في الوقت الذي كان المغرب ينتج فيلما واحدا أو اثنين في السنة ،كان عدد القاعات بالمغرب يفوق260 قاعة،وقتها كانت سيدي قاسم تتوفر على ثلاث قاعات سينمائية : الريف ،فوكس ووليلي،ولعل أول قاعة توقفت عن البرمجة هي سينما الريف،الموجودة بشارع محمد الخامس في الثمانينات،بها قاعة سفلية وشرفة”بلكون”،متخصصة في الأفلام الهندية وأفلام فنون الحرب والسينما المصرية،أما قاعة سينما وليلي فكانت هي الأخرى تبرمج هذ النوع من الأفلام وتارة أفلام الويستيرن،تضم 720 مقعدا مقسمة على ثلاثة أصناف أمام ووسط ولوج،أغلب جمهورها من الحرفيين والأطفال،أما القاعة الثالثة فهي سينما فوكس التي تحولت لعمارة طابقها الأرضي وكالة تجارية ،وهي أصغر القاعات السينمائية الثلاث وأجملها بطاقة استيعابية لا تتجاوز 240 مقعدا،تشبه قاعة الفن السابع بالرباط،من حيث تميزها ببرمجة تصنف ضمن قاعات”فن وتجريب”،شاهدنا فيها روائع السينما العالمية من أفلام فرنسية وأمريكية وايطالية بمعدات صوتية جد متقدمة وشروط فرجوية عالية الجودة،جمهورها ذو مستوى تعليمي محترم.
وفي منتصف التسعينات تدهورت حالتها وهجرها جمهورها،وكان آخر من امتلكها برلماني ينحدر من مدينة وزان،والذي رغم وجود قانون يحمي القاعات السينمائية عرف كيف يحولها إلى قاعة لا تتوفر على شروط السلامة والنظافة حينها أمر القسم الصحي للبلدية باغلاقها،وبعدها تعرضت للإهمال وأصبحت مرتعا للمتسكعين حتى بيعت على أنها”خربة”بقعة أرضية،في حين لازالت مدينتنا تتوفر على أطلال قاعتي سينما وليلي وريف،والحقيقة أن جيل ألفين لم يشاهد قط فيلما بقاعة سينمائية بسيدي قاسم..