تعيش تونس قيس اسعيد هذه الأيام على إيقاع حقبة “الجمر والرصاص برشا برشا”، فكل من أعلن نيته الترشح للرئاسيات أو أبدى ما يزعج الرئيس تكون طريق السجن أمامة سالكة، بينما البلاد تغلي برشا برشا.
وقضت محكمة تونسية، أمس الأربعاء 14 غشت 2024، بالسجن غيابياً بأربع سنوات في حق رجل الأعمال ومغني “الراب”، كريم الغربي، الملقب ب”كادوريم”، بتهمة شراء تواقيع تزكيات بمقابل مالي للترشح للانتخابات الرئاسية.
وقال المتحدث باسم محكمة جندوبة (شمال غرب) علاء الدين العوادي لفرانس برس “قضت المحكمة الابتدائية بجندوبة بالسجن أربع سنوات ضد مغنى الراب كريم الغربي وتخطئته بخمسة الاف دينار (حوالي 1500 يورو) وحرمانه من الترشح مدى الحياة للانتخابات”.
كما قضت المحكمة بالسجن لمدة عام وبفرض غرامة قدرها ألف دينار (حوالى 300 يورو) في حق رئيس المجلس المحلي بجندوبة، وبأربع سنوات غيابيا ضد امرأة مع النفاذ العاجل مرفقة بغرامة قدرها خمسة آلاف دينار، وفقا للعوادي.
وكان كريم الغربي المعروف ب”كادوريم” أعلن نيته الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة في السادس من تشرين الأول المقبل، لكنه لم يقدم ملفه لهيئة الانتخابات بسبب عدم حصوله على وثيقة السجل العدلي.
ولم تقبل هيئة الانتخابات السبت سوى ثلاثة مرشحين من أصل 17 ومن بينهم الرئيس قيس سعيّد الذي يخوض غمار السباق من أجل الفوز بولاية رئاسية ثانية.
وفي الثاني من الشهر الجاري قضت المحكمة ذاتها بالسجن لمدد تراوح بين سنتين وأربع سنوات في حق أربع نساء من حملة كريم الغربي الانتخابية مع حرمانهن من حق التصويت بتهمة جمع تواقيع بمقابل مالي.
ويرى خبراء أن الطريق إلى الانتخابات الرئاسية مليء بالعقبات أمام المنافسين المحتملين للرئيس المنتخب ديمقراطياً في العام 2019 والذي تفرّد بالسلطة قبل ثلاث سنوات ويسعى لولاية ثانية.
ويشيرون إلى أن معايير قبول الترشيحات صارمة، عبر اشتراط تأمين تزكيات من عشرة برلمانيين أو 40 مسؤولا محليا منتخبا، أو 10 آلاف ناخب مع ضرورة تأمين 500 تزكية على الأقل في كل دائرة انتخابية، وهو أمر يصعب تحقيقه.
وفشل العديد من الذي قدموا ملفاتهم في جمع تواقيع التزكيات اللازمة ومن بينهم الوزير السابق المنذر الزنايدي والمستشار السابق لدى الرئاسة كمال العكروت.
إلى ذلك، نظمت أكثر من جهة في تونس أول أمس الثلاثاء مظاهرة شارك فيها المئات ووقفات احتجاجية في العاصمة تونس، بمناسبة حلول العيد الوطني للمرأة، داعين إلى الإفراج عن نساء اعتقلن لانتقادهن الرئيس قيس سعيّد، وفق ما أفاد مراسل وكالة فرانس برس.
وخرج المئات في العاصمة تونس الثلاثاء للتظاهر مطالبين بإطلاق سراح نساء اعتقلن لانتقادهن الرئيس قيس سعيّد، فيما تحيي البلاد عيدها الوطني للمرأة.
في هذا الصدد، قالت كريمة بريني رئيسة جمعية المرأة والمواطنة: “للأسف، اليوم هو يوم غضب من أجل النساء السجينات بسبب آرائهن السياسية (و) نشاطهن في المجتمع”. مضيفة: “نحن غاضبون ونطالب بالحرية لجميع النساء المعتقلات”.
من جانبها، استنكرت شيماء عيسى، شخصية معارضة وعضو في جبهة الخلاص الوطني تم سجنها أيضا في عهد سعيّد، الاعتقالات وظروف الاحتجاز خلف القضبان. وقالت خلال مشاركتها في المظاهرة التي جمعت مختلف الطيف السياسي: “لا يسعني إلا أن أتضامن معهن، لأنني عشت ما يعشنه حاليا”.
كما تجمع أنصار الحزب الدستوري الحر قرب مقر وزارة شؤون المرأة والأسرة مطالبين بالإفراج عن زعيمة الحزب عبير موسي المسجونة منذ أكتوبر.
وحكم على هذه المعارضة لقيس سعيّد بالسجن عامين الأسبوع الماضي، بعد يومين من التقدم بترشحها للانتخابات الرئاسية المقررة في 6 أكتوبر، بموجب المرسوم 54 الذي أصدره سعيّد عام 2022 “يتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال”.
وفي قضية أخرى، قضت محكمة تونسية في يوليوز بسجن المحامية سنية الدهماني عاما لإدانتها بنشر “أخبار كاذبة”، وذلك بعد شهرين من توقيفها إثر إدلائها بتعليقات ساخرة انتقدت فيها حال البلاد، وفق ما أعلنت عائلتها. وحُكم عليها أيضا بموجب المرسوم 54 بعد أن اعتبرت المحكمة أن تعليقاتها كانت ردا على تصريحات لسعيّد.
قضية أخرى تتعلق باعتقال السلطات سعدية مصباح رئيسة جمعية “منامتي” المناهضة للعنصرية في ماي، ساعات بعد انتقاد سعيّد المنظمات والجمعيات التي تساعد المهاجرين ونعت قادتها بأنهم “خونة ومرتزقة”. ودافعت مصباح بشكل خاض عن حقوق المهاجرين من دول جنوب الصحراء بعد خطاب سعيّد العام الماضي اعتبر فيه أن “جحافل المهاجرين غير الشرعيين” تشكل تهديدا ديموغرافيا لتونس.
كما نددت جماعات حقوقية مؤخرا بتراجع الحريات في تونس، مهد انتفاضات الربيع العربي، والمنحى “الاستبدادي” الذي تأخذه السلطة.
ومنذ إحكام سعيّد، الذي انتخب ديمقراطيا عام 2019، قبضته على مقاليد السلطة بالبلاد في2021 وتفرده بالحكم، تم اعتقال عدد من معارضيه وبينهم نساء.
و يسعى قيس إلى الفوز بولاية رئاسية ثانية من المقرر أن يواجه منافسين اثنين فقط في انتخابات هذا الخريف، بعد رفض الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ملفات 14 مرشحا وتعرض طامحين آخرين للاعتقال.
تعليق:
حفظ الله تونس الخضراء برشا برشا . أي عين خبيثة ضربت برشا مهد اندلاع الربيع العربي؟