أحمد الجَـــلالي
بينما وصل سكين الغلاء إلى العظم وصار الوضع يتطلب بالمغرب أجوبة حاسمة عن أسئلة لا تقبل التأجيل، اندلق من إناء “الرأي العام” موضوع جعلوه بزز “موضوع الساعة” وها هو كذلك: إنه صراع شيخ وشيخة.
الغاية واضحة حد الافتضاح ألا وهي تحريف النقاش الحقيقي عن سكته. والنقاش الذي وصل إلى باب أين الأجوبة طاف قبلها على أسئلة حقيقية ملحة: كم بقي لدينا في مخزون المحروقات؟ كيف نعيد تشغيل “لاسامير”؟ متى تستمر موجة الأسعار العاتية؟ هل حكومة أخنوش قادرة على الاستمرار أم عليها وضع المفاتيح والتوكل إلى حال تجارتها؟
بدل الانكباب على معالجة هذه المعضلات وتحمل كل ذي مسؤولية نصيبه من المحاسبة عبر نقاش عام صحي وعلمي هاهم يدفعوننا إلى هامش التفاهات: الشيخة والشيخ والتلفزة وقال فلان وصرحت علانة.
لا يا قوم، لنرجع إلى الجد، فما عادت الحيل القديمة، اي حيل التعويم والتتفيه والالتفاف تنفع مع وجه الجوع البشع الذي يطل على المغاربة من قففهم وهو يحاولون التبضع في الأسواق والسويقات..ولا أقول محلات التسوق الكبيرة فما عاد للغالبية الساحقة المسحوقة مجال لدخول تلك “الفضاءات” المخصصة لكائنات راكمت الأموال وتبدو لهم مثل كائنات فضائية، بالنظر إلى قدرتها الرهيبة على ملء صناديق سياراتها الخلفية حتى التخمة.
وإن كان ولا بد لي من مسايرة هذا النقاش الجانبي حول الشيخات والشيوخ فإني أقر لكم بأني مع فصيلة من الشيوخ مثل الشيخين العروي والجابري، والشيخ العلامة المهدي المنجرة، و الشيخ مصطفى محمود والشيخ عدنان إبراهيم والشيخ المرحوم شحرور والشيخ المرحوم علي شريعتي، وشيخ فن الرواية الكبير عبد الرحمان منيف، والشيخ العملاق عبد الباسط عبد الصمد الشيخ الطبلاوي والشيخ الحصري..والشيخ عبد الرحمان بنموسى والشيخ المرحوم المكي الناصري والشيخ الشاعر أحمد مطر والشيخ المبجل المنسي المحبوب داني، وشيوخ الغيوان وشيوخ الملحون…هل نسيت الشيخ إمام، ومن ذا يستطيع أن ينساه؟
كما أني لست تماما ضد جميع أنواع الشيخات، بل أقف احتراما لفصلية منهن على رأسها المرحومة خربوشة التي ثارت بفنها وصوتها على الظلم والتعسف..قصتها عبر أغانيها المتوارثة ملهمة ومبكية وفيها عبرة لشيوخ السياسة ومحترفي “الإيديولوجيا”.
فإلى أن ينتهي هذا النقاش المفتعل حول الشيخات والشيوخ والذي إن طال لن يتجاوز أياما أو ساعات حتى، ويستنفد أصحاب البارود الفيسبوكي دخيرتهم، يصيب لي أن أشغل أشرطتي القديمة المتجددة لأستمتع بروائع شيوخ الفن الراقي شرقا وغربا عربا وعجما..وهل تمة أحلى فنيا وإنسانيا والصهاينة يتغوطون في رحاب المسجد الأقصى المبارك كم تشغيل “كاسيط” مجموعة العاشقين…من سجن عكا وطلعت جنازة…هللي طلوا النشامى هللي يا ديار العز يا ديرة هلي..إلخ؟
هل تظنون أني نسيت شيوخ فننا المغربي من رويشة وإزنزارن ولمشاهب وبلعيد والحياني وبلخياط وفيتح والمعطي بنقاسم وابراهيم العلمي والإدريسي وغيرهم كثير…طبعا لا مجال للنسيان فهم جميعا في الخاطر والذاكرة أبدا.
كنت أود ــ والمناسبة شرط ــ أن أتحدث أيضا عن شيوخ مهنة الصحافة والإعلام..لولا أنهم دقوا المسمار الأخير في نعش هذه المهنة/الرسالة وصار لزاما علي، بعد “فرصة/همزة” أخنوش، أن أتنحى من منصة التقييم وأترك للجيل الصاعد مهمة انتخاب وتحديد من يستحقون أن يكونوا “شيوخ وشيخات”..المؤثرين والمؤثرات..وسادة المقدمات و”سيدات” روتين المؤخرات.