طرد “الجزيرة” لناصر..حدود الواقعي والعاطفي في علاقة المغرب وقطر

 أحمد الجلالي

اشتعلت منصات التواصل الاجتماعي بحملة تضامن واسعة مع الإعلامي المغربي عبد الصمد ناصر بعد اقدام قناة الجزيرة بتسريحه وفسخ العقد الذي يربط بينهما.

الزيت الذب صب على حطب النازلة ليس لان مواطنا مغربيا فقد عمله في قناة مرموقة بل لان الجزيرة ــ كما تم تداوله ـ طردن ناصر كونه رفض حذف تدوينة له على منصة “تويتر” دافع فيها عن عرض نساء وطنه في مواجهة بهتان مقيت بتته وسيلة اعلام جزائرية بشكل فج وعدواني.

اللافت هنا ان المعنيين بالأمر أي ناصر وقناة الجزيرة مازالا الى اليوم يلوذان بالصمت ولم يبادرا الى اصدار بلاغ توضيحي يجلي الشك باليقين. وهذا الاحجام عن التوضيح هو ما يزيد من اتساع رقعة الاتهام والتأويل بلغ حد الدعوة الى قطع العلاقات بين البلدين.

معلوم ماضي التوتر بين المغرب وقطر الذي وصل الى اغلاق مكتب الجزيرة في الرباط كما انه ليس خافيا الانتعاش الذي عاشته علاقات البلدين في السنوات الأخيرة والذي بلغ ذروته في كاس العالم وما اقدم عليه امير قطر من دعم وتشجيع لمنتخب المغرب وتكريم لعناصره وعناية بجمهوره.

مهلا أيها الغاضبون، نحن مثلكم لا نرضى بعشر بهتان الاعلام الجزائري بحق رموزنا ولا شرف نسائنا ونحن ربما اكثر منكم في الشعور بالقهر ـ من منطلق مهني وانساني ـ إزاء طرد زميل لنا في اوج نضجه وعطائه.

من حقنا ان نغضب ونناصر ناصرا، ومن حقنا ان نصمد دفاعا عن القضية التي صمد من اجلها عبد الصمد. هذا مسلم به، غير ان الحد الأدنى من التروي والحد الأقصى من إعمال التمييز مطلوبان بشدة.

لماذا؟

ــ ليس الأعداء والخصوم هم ما ينقصوننا حتى نهدم العلاقة مع بلد شقيق غني وقوي ومؤثر على الساحة الدولية، يجب الحفاظ على دينامية الارتقاء بين الدوحة وقطر في كل الأحوال.

ــ قناة الجزيرة تراتبيا تحل إداريا تحت شبكة الجزيرة وهي المؤسسة الام ومدير “الجزيرة” له صلاحياته ومنها تشغيل موظفين او تسريحهم. لماذا سرح ناصر؟ هذا موضوع منفصل عن قطر الدولة.

ــ علينا الا نبالغ في سقف الانتظار من الدولة المغربية في هذا الصدد لأنه ان كانت المؤسسات/الشركات كائنات بعقل ولا تملك عواطف فإن الدول ككيانات عقيدتها المصالح العليا ولا وزن في معادلاتها للأشخاص مهما علا شأنهم.

غير ان ركوننا لهذا التفكير ــ رغم انف عواطفنا ــ لا يعني بأي حال الدعوة لابتلاع الاهانات؟ لا ابدا، هي دعوة فقط لقبول أخف الاضرار وتفادي خيبات الامل من حجم ما قد تحققه حملات التضامن علاقة بسقف ما تطالب به وتدعو اليه.

كل الفرضيات متاحة ولكن ليست كلها واردة. ظننا ان الدولة كعقل براغماتي لن تساير الدعوات المنتصرة لناصر عبر رد الصفعة لقطر الدولة. وتوقع الصمت الرسمي عما حصل هو الأقرب للحدوث.

اقسى من هذا، قد يلف قضية ناصر صمت في البداية يليه فتور ويعقب الفتور لا مبالاة ثم يدخل الملف طي النسيان أو التناسي.

اقصى ما يمكن ويجب ان نطالب به المسؤولين المغاربة هو رد الاعتبار لناصر لمساعدته على تجاوز محنته مهنيا ونفسيا. فروح الإعلامي مثل الفنان تماما: شفافة وحساسة.

قد تبين من خلال قضية ناصر ان عمق المسألة هو قضية دفاع عن شرق امة وعرض نساء. والشيء بالشيء يناقش ويحلل ويفهم. وهذه وجهة نظرنا من اجل ثأر حقيقي وفعال صونا لشرف الانسان المغربي نساء ورجال ورموزا وطنية:

ــ محاصرة الفساد السياسي والاقتصادي والمالي والقضائي داخليا فهو سبب الشرور التي أجبرت ملايين المواطنين للهجرة قسرا من اجل كسرة خبز مغمسة في مرق القهر والاهانة والاستغلال.

ــ تسييد القانون وفرض احترام الدستور بالقوة الخشنة التي لا تراعي منصبا ولا نسبا وترسيخ هذه الثقافة في المدارس الابتدائية كبداية لغرس هذا النبات الطيب في العقول.

ــ اتاحة الفرصة للكفاءات المغربية في الخارج كي تعود لتنمية الوطن بخبراتها، كل في مجاله، وقبل ذلك كنس العراقيل البشرية و البيروقراطية التي تجبرهم على نسيان العودة للوطن.

ــ تنظيف المؤسسات كلها من الطحالب وعوامل التسوس البشري القابع في اعماقها لتحرير الطاقات الحقيقية كي تنطلق في التغيير الحقيقي من الداخل بهدوء.

ــ رفع يد السلطة الثقيلة على مجال الاعلام وترك اهله يقومون بما عجز عنه الرسميون: صناعة اعلام حقيقي قوي وكاسح يدافع بمعرفته عن مصالح المغرب العليا.

ــ إصدار عفو عام في عيد الأضحى المبارك على معتقلي الحراكات الاجتماعية والراي والتعبير…تحت شعار “الوطن دائما غفور ورحيم”. وبذلك، لن يحقق المغرب فقط مصالحة داخلية تعزز الجبهة الداخلية صفا مرصوصا بل ستقطع الطريق على الأعداء أينما كانوا فبها يزعمون ومنها يغذون احقادهم وعليها يركبون للنيل من المغرب مصالح وشرفا وضربا للرموز.

facebooq.ma

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد