الشوارع
تحت عنوان “عبدالواحد الراضي كما عرفته” نشر الصحافي والكاتب طلحة جبريل تدوينة فيسبوكية تضمت جوانب من علاقته القديمة بعبد الواحد الراضي كما كشف من خلالها عن آخر نشاطات وانشغالات السياسي الراحل.
إليكم نص التدوينة التأريخية”
“تعرفت على عبدالواحد الراضي بداية الثمانينيات عندما كان رئيساً للفريق البرلماني،أجريت وقتها معه حواراً عن قرار الاتحاد الاشتراكي أيامئذٍ سحب نوابه من مجلس النواب احتجاجاً على إضافة سنتين في عمر المجلس لتصبح ولايته ست سنوات.
حظي الحوار بالاهتمام، كنت وقتها محرر في بداية مساره المهني، يتلمس طريقه نحو العمل الاحترافي.
توطدت بعد ذلك علاقتي به، خاصة بعد أن تقلد عدة مناصب رفيعة في الحكومة وعلى الصعيد البرلماني.إذ كنت أحصل منه على معلومات يعتد بها.
تولى عبدالواحد الراضي عام 1984 منصب الأمين العام للاتحاد العربي الأفريقي بين المغرب وليبيا، وعندما أصبحت مسؤولاً للتحرير عن منطقة المغرب العربي في صحيفة “الشرق الأوسط”استأثرت الأوضاع في ليبيا باهتمامي، ووجدت في الراضي مصدراً مهماً.
أعود الآن إلى الفترة الأخيرة.
في بداية مرضه نقل إلى المستشفى العسكري في الرباط، عندما زرته وعلى الرغم من حالة الوهن الظاهرة، تناول حديثنا الأوضاع السياسية في المغرب ومحيطه. وجدته في هذا الجانب يقظاً تماماً، يتحدث بذاكرة سياسي متمرس.
بعد خروجه من المستشفى زرته مجدداً في منزله، وتشعب الحديث، وتطرق إلى تمسكه برئاسة”جماعة القصيبية” في إقليم”سيدي سليمان”، إذ لم يقعده المرض من مواصلة عمله هناك. خلال اللقاء فاجأني باقتراح مثير، مؤداه مرافقته إلى القصيبية حيث سيترأس المجلس الجماعي، راقتني الفكرة .
تواعدنا أن نلتقي مجدداً في منزله، بحيث ننطلق من هناك نحو القصيبية، فوجئت به يقود السيارة بنفسه، تولد لدي انطباع بأنه تعافى من وعكته.
كانت زيارة تلك المنطقة مفيدة على جميع الأصعدة، لصحافي ذهب ليشاهد ويسمع.حضرت معه اجتماع جماعة القصيبية، كانت المرة الأولى التي أتعرف فيها على عمل المجالس الجماعية من الداخل.
كان آخر لقاء به عقب عودته من باريس عندما داهمه المرض مجدداً، وعلى الرغم من ذلك وجدته في حيويته المعتادة. في هذا اللقاء دار حديث عن مبادرته بتسليم أرشيفه الخاص إلى”مؤسسة أرشيف المغرب”، واقترح علي زيارة الدار التي يوجد به الأرشيف، حيث يجري ترتيبه قبل تسليمه للمؤسسة .
مرة أخرى فوجئت به يقود السيارة بنفسه. كان هناك حديث طويل عن المحتويات، وشاهدت بنفسي بعض الوثائق والصور واستمعت لتسجيلات.
كنت محظوظاً أيضاً، إذ تحدث لي عن بعض الخبايا السياسية، ولا أقول أسراراً.
عندما عدنا من معاينة الأرشيف وجدنا في المنزل أبنه طارق وابنته السفيرة لمياء ودار حديث عن الأرشيف.
ودعته لأنه كان يتأهب للسفر إلى باريس مجدداً لإجراء عملية جراحية، قال لي باسماً: إذ عدت بيننا لقاء، وإذا لم أعد أدعو لي بالرحمة.
رحمة الله عليك يا سي الراضي”.