عبد المولى الزاوي
ونحن بالكاد ننفك من العام الفائت، بما له وما عليه، وكلنا أمل في الاستبشار بعام جديد، تنغصت أحلام المغاربة بفيض من الأخبار والفيديوهات الموثقة لتحول الدار البيضاء إلى مدينة سوداء، غارقة في الأوحال والمياه.
ونحن نتوجه بأكف الضراعة للمغيث طلبا لقطرة غيث، تنسينا السنوات العجاف التي عاشتها البلاد في الفترة الأخيرة، استفقنا على كارثة الفيضان، التي والحق يقال، لم تنتج عن غضب للطبيعة أو تجاوز لمعدل التساقطات، المتعارف عليه طبيعيا، بل نتجت طبيعيا هي الأخرى عن انسداد وضيق “عقليات” المسؤولين عن تسيير العاصمة الاقتصادية .
قد تتنوع التبريرات، ويشطح خيال البعض بعيدا في تشخيصه لما يقع بأكبر مدينة بالمغرب، إلا أن الانشغال بقادم الانتخابات، المتوقعة بحر العام الجاري، يعتبر في اعتقادي، السبب الرئيس لما جرى ويجري، وإلا ماعسى منتخبينا تقديمه من وعود في قادم الحملات الانتخابية، بعيدا عن “لازمة” الماء والضوء والواد الحار.
وقد وقعت الفأس في الرأس، كما يقال، وتلطخت الصورة الجميلة للمغرب بما انتشر من صور ساخرة في بحر السوشيال ميديا، من سباحة في الشوارع وتزلج على المياه، نسي العمدة ومعه مجلس المدينة والقائمون على تسييرها، نسوا جميعهم عقد اجتماع عاجل لتدارس الوضع والإسراع في تقديم الحلول، تقليلا للخسائر
يبدو أن القوم راهنوا على انحباس المطر، وإن كانت التوقعات تقول بعكس دلك، لذا فإنه من المحتمل أن يكون العماري ومن معه، قد سعوا بتواريهم عن الأنظار، إلى الحفاظ على معاطفهم المكوية جيدا، من “درن” المياه المختلطة لونا وطعما ومصدرا.
غريب هذا الانتقال السريع من سخونة رمال الصحراء إلى برودة مياه الفيضانات “في هاد ليالي” إن لم نقل مؤلما، وغريب أيضا أن تتحول صفحات المواقع الاجتماعية المغربية، بين عشية وضحاها من التغني بما تحقق من نصر في الكركرات، إلى البكاء على ما تعرفه مدننا من اختلالات.
لم يبق إلا القول إنه آن الأوان للعمل بشعار “لا يصح إلا الصحيح”، لأن سياسة “العام زين” لم تعد تجدي نفعا أمام بحر الهواتف الذكية، المتواجدة حيث يتواجد الخلق، وصورة المرشح المعتلي ساحة ما، يدغدغ أحلام مناصريه، أضحت سلعة بائرة.
شمروا عن سواعدكم، رحمكم الله، وكونوا بمستوى المسؤولية التي تتسابقون في طلبها من المواطن، كل موسم انتخابات، وجاهدوا أنفسكم في الإبقاء على حياة ضمائركم، التي تقول الحكمة إنها تخدر بثلاث: سلطة ومال وشهوة.