الشوارع
الحياد في مهنة الصحافة مهمة مستحيلة، ربما الموضوعية هي الشيء الممكن تجريبه. لا يمكن أن تقف دوما على جنب باسم الحياد ، دون أن تسمي أمورا بأسمائها الحقيقية، وتصف أشخاصا بالصفات والألوان التي تلبسهم ويلبسونها.
وبما أننا ننتمي إلى قبيلة مهنية يعرف الرأي العام لوننا وأسلوبنا فيها وقناعاتنا المعبر عنها بلا مواربة بصددها، فلم نعتد المشي بالقرب من حائط السلامة.
نعي جيدا أن التميز في مجال الصحافة وكل مجال إبداع لابد له من ثمن. وندري أيضا أن الكفاءة تضايق ولها ضريبة، ونعتقد جازمين أن من يخدم الوطن بحق من اي موقع كان عليه الاستعداد ليتلقى راضيا جميع أنواع الضربات فوق الحزام وتحت الحزام.
هذا الحال ينطبق تماما على عبد الإله التهاني، مدير الإتصال والعلاقات العامة بوزارة الإتصال، وما يتعرض له من حملة بشعة مقيتة على من قبل الواقفين خلف ستائر موقع لم يصنف نفسه بعد من حيث اللغة لأنه “عربي” ناطق بالدارجة، ولا من جهة “الدجاندر”..ولأصحاب مقاربة “النوع” في هذا الخصوص وجهة نظر نحترمها على كل حال، لكن لا سبيل لما نشره هذا الموقع أو “سال” منه،بشكل أدق.
الموقع، الذي يعد عمليا المنصة رقم واحد لكل ما يمقته المغاربة اخلاقيا وخلقيا كتب أن “الغزالي الكاتب العام ديال وزارة الاتصال مشا للطاقة والمعادن وبلاصتو منيّش عليها التهاني اللي حاس براسو اكبر من الوزير وحارب بزاف الكاتب العام”.
وهنا لابد من تسجيل ملاحظاتنا بكل قناعة، ووفق ما نعلم لا ما نفترض:
ــ نهنيء الغزالي، الشاب المهذب الخلوق بمنصبه الجديد ونتمنى له كل التوفيق، ولكن يحز في نفسنا أن يبدو كالمحتاج لهذا الموقع بالذات أن “يدافع عنه” أو يكون ذرعا له.
ــ الموقع الذي يرتكز خطه التحريري على كل ما يعاكس الذوق المغربي العام فضح نفسه بهذه الحملة الفجة وبين أنه بانتقال الغزالي إلى وزارة أخرى بقي كاليتيم، وبلا كفيل. هكذا هي الصور التي “نجمت” عن هذا الفعل الشنيع.
ــ لماذا يظنون أن التهاني “منيش” على هذا المنصب وأنه “حارب” الكثيرين ومنهم الكاتب العام؟ التهاني ــ يقينا ــ لو كانت أمنيته هي أن يصبح كاتبا عاما لنال المنصب منذ سنوات، لأسباب منها على الأقل:
ــ أنه ابن الدار والمؤهل للمنصب المذكور والأكفأ له تجربة وقدرة على العمل والصبر
ــ أنه إطار وطني حقيقي لا يمكن معه أن يتسرب أن فيروس قد يضر بالبلاد، ولا مجال معه للمساومة
ــ أن الرجل ظهرت نتائج مجهوداته على المجال ومن أراد التأكد فليسأل الزميلات والزملاء كيف خدمهم جميعا، وليسأل الكفاءات بالوزارة التي لم تنصف إلا على يديه، بل اسأل حتى من كانت لهم معه خصومة مهنية أو إدارية ليخبروكم عن أخلاق الرجل: لا يختلط عليه المهني بالشخصي أبدا. بمجرد أن تجالسه تجد أنه معك من حيث لا تتوقع “وضدك” في ما تجهل أنه يضرك.
ــ في الوقت الذي أصبحت الصحافة والإعلام المغربيان في مفترق طرق في مرحلة ما قبل تأسيس المجلس الوطني يتكشف لنا قلة الرجال المؤهلين لخدمة استثنائية لهذا القطاع. هنا يبرز التهاني قامة إدارية وإعلامية ومثقفة شغوفة بالكلمة والمعنى..سيكون المجال محظوظا لو صار التهاني كاتبا عاما للوزارة أو أكثر.
ــ لاحظوا كم التعاطف عبر المواقع والصحف مع التهاني. لماذا؟ هو ليس بالغني ولا الراشي حتى يغدق على الناس. هو كما نعرفه له بضاعة محددة في: التفاني في العمل، الأخلاق وتقدير الناس، التعفف والتواضع رغم سمو المنصب و الانتصار للأدب والفن والفكر..وللكثير منا أخلاق العرفان.
ــ إن كان ذنب الرجل أنه ليس حزبيا ولا حربائيا وأن الإبداع و”الدمير” في العمل إلى درجة تدمير صحته هي ذنوبه، فأنعم بها ذنوبا.
www.achawari.com