إنقاذ ” المخابز والحلويات” ليس مسؤولية الدولة فقط.. النقد الذاتي فضيلة

 أحمد التجاني

بداية وجب الاعتراف أن الدولة قامت بمجهودات محمودة على الأقل فيما يهم التقسيم الهيكلي والترسانة القانونية التي لو تم تطبيق فصولها على الوجه الأكمل،  فالأكيد أن واقع الحال لم ولن يكون داعيا اليوم وبإلحاح لدق ناقوس الخطر إزاء راهن ومستقبل مجموعة من القطاعات المهنية الحيوية وعلى رأسها قطاع المخابز والحلويات بشقيه التقليدي والعصري.

إن القانون 03.12 المتعلق بالهيئات البيمهنية للفلاحة، ومن خلاله 22 نص قانوني و 4850 نص تنظيمي التي سنتها الدولة بين 2008 و 2019 تعتبر نموذجية شكلا ومضمونا، لأنها ضمت مساطر تتيح الإصلاح، الحكامة، تهيئة المجال، تنمية السلاسل، التنظيم المهني، الاستشارة والتحفيز والسلامة الصحية، لكن تعطيل جانب منها عند التنزيل أصاب المنظومة التحويلية برمتها بالخلل..

فحين تطبق ترسانة الواجبات بالشكل والإعراب والصرف الواجب، ويتم غض الطرف عن بعض الحقوق فاعلم أن القاعدة التجارية الذهبية: ” ثمن البيع= الكلفة+ الربح ” سيصيبها العطل، لأن ثمن البيع مسقف بخط أحمر غير مفهوم، بالتالي كان من الأجدر حماية هذا المنتوج والمؤسسة المنتجة له بالتطبيق الحرفي للواجبات والحقوق، مع مواكبة بكل مقوماتها اللوجستية.. تشذيب محيط الاستثمار وتوفير الحماية القانونية اللازمة، التكوين والتأطير للمستخدمين وأرباب العمل في كل الجوانب التقنية، الإدارية والتسويقية… ما يساهم في تدليل الصعوبات ورفع الإنتاجية وتجويد المنتوج.

وفي نفس الإطار فإن تطبيق القانون رقم 17.73 المتعلق بإصلاح الكتاب الخامس من مدونة التجارة المعتمد بالجريدة الرسمية في 23 أبريل 2018 عوض وضعه في الرفوف، سيساعد على تحسين مناخ الأعمال وتعديل مقاربة معالجة صعوبات المقاولة.. ألا يستحق هذا القطاع المكلف بمهمة الحفاظ على القدرة الشرائية للمستهلك عناية يكفلها القانون.. ويغيبها التنزيل، وتحضر عوضها وبقوة الرقابة الزجرية؟!!

إن إيلاء أهمية خاصة لمسطرة الوقاية الداخلية والخارجية التي تهدف إلى ضمان استمرارية المقاولة ستجنب ما أمكن تصفيتها أو تنفيذ مسطرة التسوية القضائية في حقها، وبالتالي، ينتقل المشرع في هذه الحالة من منطق العقوبة إلى منطق المرافقة، مما يرسخ مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير مساطر معالجة صعوبات المقاولة، الأمر الذي لا تستفيد منه مقاولة المخبزة بعد مرور أربع سنوات على سلك هذا التوجه القانوني بطابعه العلاجي.. أربع سنوات مرت خلالها مياه كثيرة غمرت جسور القطاع.. فترة الوباء بحمولتها الكارثية، وعاصفة الزيادات الصاروخية في أثمنة المواد الأولية، دون الحديث عن المشاكل الكلاسيكية التي جعلت القطاع مديونا لكل المتعاملين معه تجاريا وإداريا منذ أكثر من 20 سنة على الأقل.

يقول باصالح رحمه الله ، وهو مهني تقليدي تم انتدابه إبان فترى الاستعمار من مدينة مكناس لمدينة بلقصيري ووفروا له قطعة أرض لينشئ عليها مخبز تقليدي لتوفير الخبز لتكنة الجنود ٱنذاك.. يقول على بيت النار “الكواشية” التي بناها بيدي صانع ملهم.. ” اعطيها النار.. تعطيك النوار “.

كلام بحمولة صانع تلخص مفهوم الجودة قبل استعمال السكر في الخبز كعادة سيئة مستجدة، ومفهوم الخبز الجيد قبل إنشاء المكتب الوطني للسلامة الصحية.. لكنه يؤكد أيضا كل كلامنا السابق في هذا المقال.. لا يمكن لوم ولا انتظار النتائج المرجوة من القطاع دون الأخذ بالأسباب من المهنيين أولا، والحماية القانونية اللازمة لمحيط الأعمال..

للحديث بقية..

[email protected]

www.achawari.com

 

 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد