حذر مفوض الأمم المتحده لحقوق الإنسان، فولكر تورك، من أن عهد « الطغاة » الذين ارتكبوا جرائم فظيعة « قد يتكرر »، داعيا إلى اليقظة لتجنب وضع « غاية في الخطورة ».
وخلال افتتاح الدورة السنوية لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، قدم تورك صورة قاتمة عن الوضع في العالم الذي يشهد « تغييرا مزلزلا » على حد قوله.
وقال في كلمته الافتتاحية « خلال القرون الماضية، كان الاستخدام المتفلت للقوة من المتنفذين والهجمات العشوائية على المدنيين ونقل السكان وعمالة الأطفال ممارسات شائعة. وكان في مقدور الطغاة أن يأمروا بارتكاب جرائم فظيعة تقضي على حياة عدد كبير من الأشخاص »، مضيفا « احذروا: هذا قد يتكرر ».
وقال المفوض السامي أمام مجلس حقوق الإنسان، إن « الإجماع العالمي حول حقوق الإنسان يتفتت تحت وطأة الطغاة والمستبدين والأوليغارشيين »، مشيرا إلى أن « بعض التقديرات تفيد بأن الطغاة يتحكمون اليوم بحوالى ثلث الاقتصاد العالمي، أي أكثر من ضعف ما كانت عليه هذه النسبة قبل 30 عاما ».
وأشار تورك إلى أن بعض قادة العالم اليوم « يتذرعون بالأمن القومي ومكافحة الإرهاب لتبرير انتهاكات وخيمة ».
واستنكر من دون ذكر جهات محددة « قوى إقليمية محايدة أو معادية لحقوق الإنسان تزداد نفوذا ».
وقال « نشهد أينما كان محاولات لتجاهل حقوق الإنسان أو تقويضها أو إعادة تعريفها ».
وحذر المفوض السامي لحقوق الإنسان من « جهود حثيثة تبذل لإضعاف المساواة بين الجنسين وحقوق المهاجرين واللاجئين وذوي الاحتياجات الخاصة والأقليات على أنواعها ».
وأعرب عن قلقه من التكنولوجيات الرقمية « التي يساء استخدامها على نطاق واسع لقمع حقوقنا وتقييدها وانتهاكها »، مشيرا إلى تهديدات باتت أكثر خطورة في ظل الذكاء الاصطناعي مثل « الرقابة والكراهية على الإنترنت والتضليل الإعلامي المؤذي والمضايقات والتمييز الممنهج ».
ورأى في انتشار شبكات التواصل الاجتماعي سببا في « انعزال الأفراد وتشرذم المجتمع وتقلص الفضاء العام المشترك ».
وفي ظل الاضطرابات التي تعصف بالعالم والأزمة المناخية التي تشكل بدورها « كارثة في مجال حقوق الإنسان »، حذر تورك من أوجه انعدام المساواة والظلم المتنامية التي تغذي التوترات الاجتماعية و »الضغينة التي غالبا ما توجه ضد اللاجئين والمهاجرين والفئات الأكثر هشاشة ».
وأسف لواقع الحال بعدما أصبح أغنى الأغنياء الذين يشكلون 1 % من إجمالي السكان « يتمتعون بثروة أكبر من تلك التي هي في حوزة السواد الأعظم من البشرية ».
وشدد فولكر تورك، الذي من المرتقب أن يلقي خطابا مطولا أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف الأسبوع المقبل، على الحاجة إلى « مجهود جماعي يبذله كل فرد لضمان أن تبقى حقوق الإنسان ودولة القانون في صميم ركائز المجتمعات والعلاقات الدولية »، وإلا « سيكون الوضع غاية في الخطورة ».
إلى ذلك، حذر أمين عام الأمم المتحده أنطونيو غوتيريش، من منبر مجلس حقوق الإنسان في جنيف الإثنين، من أن حقوق الإنسان « تخنق الواحد تلو الآخر » في العالم.
وقال غوتيريش إن « حقوق الإنسان هي أكسجين البشرية، لكنها تخنق الواحد تلو الآخر »، مستعرضا قائمة طويلة من الأسباب التي أفضت إلى هذا الوضع.
وأوضح الأمين العام للأمم المتحدة أن « حقوق الإنسان التي تتعرض لهجمات دنيئة باتت محاصرة. ويشكل هذا الوضع تهديدا مباشرا لكل الآليات والنظم التي أقيمت بعد نضال طويل في السنوات الثمانين الأخيرة بهدف حماية حقوق الإنسان والنهوض بها ».
وقال غوتيريش إن حقوق الإنسان تخنق جراء أفعال « الطغاة الذين يسحقون المعارضة لأنهم يخشون ما يمكن أن يفعله شعب يتمتع بوسائل التحرك كلها » من دون تقديم أمثلة على ذلك.
وندد بـ »النظم الذكورية التي تمنع الفتيات من ارتياد المدارس والنساء من التمتع بحقوقهن الأساسية » وبـ »دعاة الحرب الذين يضربون عرض الحائط القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وميثاق الأمم المتحدة ».
وأشار إلى « الأزمة المناخية » و »النظام المالي العالمي الذي يشهد انحطاطا أخلاقيا، ويعيق مساواة أكبر وتنمية مستدامة » في جملة العوامل التي تهدد حقوق الإنسان.
وندد غوتيريش خلال الخطاب الذي ألقاه أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف بـ »التكنولوجيات المتفلتة من الضوابط كالذكاء الاصطناعي التي تثير آمالا كبيرة لكن في وسعها أيضا انتهاك حقوق الإنسان بكبسة زر «
كما شدد على « التعصب المتزايد » إزاء فئات برمتها، من السكان الأصليين إلى المهاجرين واللاجئين مرورا بمجتمع الميم وذوي الاحتياجات الخاصة.
واعتبر أمين عام الأمم المتحده أن حقوق الإنسان تخنق عموما « بخطابات هؤلاء الذين يلقون بذور الشقاق والغضب، باعتبار أن حقوق الإنسان ليست خيرا للبشرية بل عائقا أمام ما يصبون إليه من سلطة واستفادة وسيطرة ».
