ذ.عبد الرحيم التوراني
يكاد الكثيرون لا يعرفون أن هناك يوما عالميا للاحتفال بنظافة اليدين، هو اليوم العالمي لغسل اليدين، الذي يصادف كل يوم 15 من شهرأكتوبر.واحتفل العالم باليوم العالمي لغسل اليدين للمرة الأولى في الخامس عشر من أكتوبر 2008، وهو اليوم الذي اختارته الجمعية العامة للأمم المتحدة تزامنا مع إعلان الأمم المتحدة عام 2008 عاما دوليا للصرف الصحي.
كما أن هناك يوما عالميا للمرحاض، تم الشروع في الاحتفال به سنة 2001، في التاسع عشر من شهر نوفمبر.
ويوما عالميا آخر للنوم،أقرته الرابطة العالمية لطبّ النومسنة منذ عام 2008، ويكون الاحتفال به يوم 13 مارس سنويا.
هي أيام كلها للتوعية والتحسيس، ولرفع مستوى الوعي للحفاظ على صحة جيدة وتفادي الإصابة بالأمراض. دعوات تتوافق مع أهداف التنمية المستدامة تدافع عن حق الجميع في اتباع عادات صحية وسليمة، والحفاظ على الحياة الجيدة وضد التخلف، وتحاشي الانعكاسات السلبية على الصحة والتعليم والاقتصاد في المجتمع.
***
كشفت دراسة جديدة، طالعتها مرة على موقع “روسيا اليوم”، أن غسل الأيدي لا يجعلها نظيفة فقط، ولكن يمكن أن يساعد في تخليص الدماغ من الأفكار القديمة القائمة على التجارب السابقة وإعادة ترتيبها.
مع وصول فيروس كوفيد 19 وهجومه على بني البشر، سارع الناس إلى التحصن خلف متاريس الحجر الصحي، واتخذوا كل الاحتياطات لهزم الوباء وإرغامه على التراجع والاندحار، ومن أول الأسلحة الثقيلة التي حملها الناس سلاح الماء والصابون، وغسل اليدين، حتى أن الأغلبية بالغت في ذلك أيما مبالغة.
ووفقا للمعلومات التي أوردناها أعلاه، فإنه من المفترض أن يستفيد المستفيدون من الحجر والنظافة، كي يفكروا ويتأملوا فيما أصابهم من مآس، لاسيما ممارسات الطبقة السياسية التي ابتلينا بها في بلدنا، والتي أناخت بكلكلها الثقيل فوق ظهورنا، مثل “ليل طويل لا ينجلي”، كما أخبرنا الملك الضليل امرؤ القيس.
ماذا حدث ونحن نتنفس تحت وطأة التخدير الإعلامي والتضليل السياسي، وتحت بريق شعارات خالية من حقيقتها؟
ما هذه المخلوقات العجائبية التي تجلس اليوم على رأس الأحزاب والمنظمات الشعبية التي تدعي الكلام باسم الشعب وباسم الجماهير والطبقة العاملة.. إلى آخر الكلام المشابه، المنتقى من قواميس النضال والكفاح والتغيير والتنمية والعدالة والمساواة والاشتراكية.
الحديث هنا لا يشمل الأحزاب المكشوفة والواضحة التي خرجت من معطف المخزن ومن تحت قبعته في نمرة سيرك التضليل المخزني المفضوح، بل إن القصد هو أحزاب تتكئ على تاريخ وعلى تراث عريق، وعلى أمجاد شهداء ومضحين بالدم والروح، وبالغالي والنفيس، وأسماء مناضلين يجرون وراءهم قرونا من السجون والاختطافات القسرية والتنكيل والتهميش، هو تراث يتم تزوير تاريخ صلاحيته للاستعمال البشري، وتجري اليوم أمام الناظرين بهدلته وإعادة رسكلته لفائدة الانتهازيين والانتفاعيين، من الذين يعرفون كيف يجيدون العزف علىالوترالعاطفي والتنقيط عليه، في عملية تدخل في نطاق هندسة العقول والتلاعب بها، وغسل الأدمغة والتحكّم بآراء وأفكار الآخرين وعواطفهم. يحدث هذا في مشهد تراجيديكوميدي تتحول عبرهالانتهازية إلى وجهة نظر.
***
يضع مثل هؤلاء الانتهازيون السياسيون، المتحزبون منهم أساسا، على وجوههم أقنعة معقمة بالخبث، خبث نادر منقوع في ماء الصلافة والوقاحة والغدر، لا يفضح دائما بسهولة مراميهم الانتهازية، ويحرصون على أن يصل الرذاذ النتن من أفواههم المحلولة عطرا كاذبا يشمه الناس الغفل والناس التي تعاني من فقدان حاسة الشم.
وبعيدا عن الأضواء، وخلف الأبواب في القاعات السرية، يقوم الانتهازيون بطعن الجماهير في الظهر وخيانتها، في الوقت الذي لا يتوقفون فيه عن الابتسام، من أجل تحقيق مآربهم الشخصية الوضيعة،وبعض هؤلاء لا نعرفه ماذا يفعل، هل هو يبتسم أم يبكي؟ أم يقضي حاجته الطبيعية. وهو بالفعل يخرأ على نفسه ليس غير.
ترى الواحد من هؤلاء الانتهازيين من المصطفين يسارا، وتسمعه على حقيقته ليتبين لك أنه لا يصلح ليكون حتى في اليمين، لشدة عفونته.
بعض الانتهازيين متفنين في التضليل، لكنه يتم فضحهم مهما طال الزمن أو قصر، فالمثل يفيد: “أنه قد يتم خداع كل الناس، وقد يتم خداع جزء منهم طيلة الوقت، لكن من المستحيل أن يتم خداع كل الناس، كل الوقت”.
ومن أخطر أشكال الانتهازية انتهازية المثقفين، من يفتقدون للون والطعم والرائحة، الحربائيون، ممن يجتهدون ويتنافسون على تقديم تبريرات أخطاء الحاكمين والسلطة، همهم هو الحصول على الرضى، وما يتبعه من منافع، حتى ولو كانت فتاتا ومن سقط المتاع.
هؤلاء الانتهازيون خطيرون على المجتمع، بانتظار دحرهم وإزاحتهم من المشهد ووضعهم في المكانة التي يستحقون.. مزبلة التاريخ.
وإلا فلننتظر المصيبة العظمى.. بل إن المصيبة حلّت، وأول قراراتها رقم 22.20 لتكميم الافواه.
بدأنا بالكلام عن الماء والصابون، علينا أن نغسل أيدينا على أولئك، وتكلمنا عن المراحيض.. وبعدها يمكن لنا أن نذهب لننعم بالنوم الصحي، ونحلم أحلاما جميلة ننهض بعدها، في اليوم التالي لنحقق الحلم الكبير. حلم التغيير والمساواة والعدالة والحرية.
غدا.. ما بعد كورونا ليس كأمسه.
WWW.ACHAWARI.COM