أحمد الجـــَلالي
“بشرنا” بوم البيت الأسود ــ والعياذ بالله ــ بجائحة جديدة قادمة للعالم، والمثير أن الرئيس النعسان بتعبير سلفه أبو إيفانكا رفع صوته فوق الطبقة البروتوكولية المعمول بها أمريكيا، والهدف واضح: الجوع قادم ليأكل العالم..واشهد يا عالم أن روسيا بوتين هي السبب.
وبناء عليه، هات الجزية يا ولد هات هات..لأصنع منها لزلينسكي الصواريخ والطيارات.
وقبل النعسان حذرت ما يسمى “الأمم المتحدة” بني البشر على هذا الكوكب من نقص في الخبز والحليب والماء والدواء..وبكلمة، “زفت” إلينا وجها بشعا لمستقبل لا يبدو أنه سيكون لأي شيء طبيعي مكان ما في حياتنا، بله سعادة وحبور واستجمام ومناظر ياسمين وأقحوان.
انتهى زمن الرومانسيات يا صديقي…ده كان زمان يا زمان.
العالم يعنينا لأننا ” ولاد العالم” ولككنا فطرنا على منطق الأقرب فالأقرب. ومن حقنا الخشية على محيطنا القاري ثالثا والإقليمي ثانيا والقطري/الوطني أولا..وأخيرا.
ولأن العالم أصبح أصغر من قرية بل مجرد زقاق نصف سكانه “مخبرون سيبرانيون” وكل جار يعلم كم نام وبم تعشى وأي دواء تناول جاره البارحة وعلى ماذا فطر صبيحة اليوم، فالأخبار المتقاطعة تفيد بكل أسف أن خيطا ناظما متشابه الفعل والأثر متحكما فيه عن بعد بغرف مظلمة للشيطان يؤسس وفق خطة رجيمة لفوضى أساسها التجويع ودفع بلدان بعينها إلى الفوضى.
يبدو أن “قالب” كورونا لم يؤد كل الدور الذي طلب منه وهاهم يخططون لكوارث أقوى وأفظع لتنفيذ الخطة التي صارت عارية العورة ولم يعد الإعلام الدولي العاهر قادرا على الالتفاف حولها عبر التزييف والدعاية السوداء.
وبكل صفاقة أنهوا عهد الكوفيد أياما قلائل بعد دخول الجيش الروسي أوكرانيا فاختفت الكمامات والمعقمات من المشهد كله فتنفست الخلائق بعض الصعداء، ولكن هيهات أن يدعوا هذا العالم وشأنه: صفعة تتبعها صفعة…قولوا يا رب “حد الباس”.
واليوم، تتكشف خيوط مؤامرة جهنمية جديدة تهدف إلى تدمير مساحات كبيرة من بلدان الملح العربي وشمال أفريقيا على الخصوص. ففي كل بلد عربي ومغاربي ثمة تشابه في الوضعية المعيشية عنوانها ليس الغلاء الفاحش فحسب بل زيادات في الأسعار بالليل النهار دون حسب أو رقيب.
واللافت أنه حتى المواد التي تصنع أو تنتج محليا وليس لها صلة ولا بأي شكل بالسوق الدولية أصابها أيضا سعار الغلاء. ولهذه الظاهرة من يرعاها عبر غض الطرف أو التساهل، وفي المحصلة تركوا الشعب يأكل ما تبقى من نفسه في سياق تفتيت الطبقة الوسطى خصوصا أما المسحوقة فقد انمحت تماما أو تكاد.
وفي مغربنا، نعيش الصورة ذاتها ويكتوي بها الفقير والموظف أما أصحاب الثروات وتجار الأزمات فقد اشتروا “إعلاما” يرقص فوق جراحنا “مبشرا” بأن الخير قادم وأن الوضع متحكم فيه.
كل البلدان العربية والأفريقية التي تشبهنا اقتصاديا واجتماعيا مستهدفة ومهددة في أمنها القومي. هذا يقين وليس نظرية مؤامرة. والمدخل الشيطاني لإسقاط بلداننا وإثارة القلاقل فيها هو السوق والبطن.
لنطبق المبدأ الفطري المسمى القرب وننزل إلى ساحتنا المغربية، وهذا هو الأهم لنقارب معضلة البطن مع السوق الحامي في علاقته بعامل الزمن وما يرتب له أعداء البشرية.
فماذا علينا أن نصنع كدولة ومجتمع لنقطع الطريق أمام المتربصين فيفشل كيدهم، وما ذلك على الله والشعوب المؤمنة بصنع مستقبلها والتحكم في مصائرها بعزيز.
ــــ نحن بلد زراعي، وعلينا بسرعة ودون إبطاء دعم الفلاح بشكل مباشر ماليا ولوجيستيا لأنه من سينقذنا بعرقه من الجوع. قريبا ستصبح كسرة الخبز أهم من الذهب والألماز.
ــــ خطة تشجيع الفلاح المغربي في كل مكان ومهما كان حجم قعته الأرضية سوف تقتضي إجراءات مصاحبة كالإعفاء من فوائد ديون القرض الفلاحي مع تبسيط مساطره، وجعل صندوق التنمية القروية ميزانية لوزارة البادية، مع تفكيك وزارة الفلاحة والصيد البحري والغابات….لأنها فشلت فشلا مخزيا.
ـــــ إعفاء فيصل لعرايشي وكل مسامر الميدة في إعلامنا الرسمي الذي يجب أن يتحول بحق إلى إعلام عمومي مواكب لسياسة طواريء تشرف عليها دولة لم يعد لديها وقت كي تضيعه في المحاباة ولا جبر الخواطر. نحتاج إعلاما وطنيا مقاتلا تعطى فيه الفرصة لأبنائه الحقيقيين الشجعان الموهوبين الواعين بدقة اللحظة التاريخية وخطورتها.
ــــــ يجب خفض عدد الوزراء والوزارات إلى الحد الأدنى مع وضع أهداف لكل وزارة تجدول زمنيا وتعطى الإمكانات وتحاسب دوريا على النتائج ومدى التقدم أو الفشل أو الانحباس.
ــــ يجب تقليص الأجور السمينة إلى الربع، فلا معنى أن يظل المحظوظون يتقاضون الملايين شهريا دون نتيجة، فيما الشعب تطحنه الأزمة، فإما أن تعني الوطنية التضامن الفعلي أو أن الرافض لا يستحق الانتماء للبلاد ولا حتى حمل البطاقة الوطنية.
ـــــــ تشجيع النقل العمومي عبر الحافلات والقطارات وجعل أسعاره معقولة كي يركن ملايين المغاربة سياراتهم ودراجاتهم وبذلك نخفض كمية استهلاك الطاقة وبالتالي تخفيف العبء على ميزاننا التجاري الوطني.
ـــــــ التشجيع على خفض استهلاك الماء والكهرباء عبر سن قوانين وجزاءات وجوائز في هذا الشأن. مثلا، فالمواطن الذي يلتزم بسقف معين في الاستهلاك ولا يتخطاه ثلاثة أو أربعة أشهر يستهلك الشهر الموالي مجانا…ما أكثر الأفكار التحفيزية إن كنا فعلا نريد العمل والإصلاح.
ــــــ منح الدرك الملكي الصلاحيات الكاملة في مراقبة أسعار الأسواق في البوادي المغربية مع سن قانون يعتبر المضارب والمحتكر مقترفا لجرم الخيانة الوطنية. ويمكن إسناد المهمة نفسها بالمدن لإدارة مراقبة التراب الوطني فلها من القدرة على كشف الخبايا ما يجعلها على رأس قائمة المؤهلين لأداء هذا الدور الوطني النبيل.
ـــــ نحمد الله ونشكره أنه تعالى حبانا بكل ما يحلم به غيرنا: لدينا بحران كبيرا وسمك وفوسفاط وماء وجبال ومواش. فما الذي ينقصنا كي يصبح شبح الفاقة والتقشف يهدد راحتنا البدنية والنفسية؟
الجواب بسيط ومركب، سهل ومعقد: ينقصنا المعقول.
ــــ نحمد الله ونشكره أن لدينا نظاما سياسيا شرعيا وتاريخيا وقويا وليس نظاما مصطنعا أو مستوردا أو جاء إلى قصر الحكم على ظهر دبابة. ونعمة الاستقرار يجب أن تتحول إلى عامل يسرع الاستثمار في كل الطاقات الوطنية.
لنكن صرحاء، فالشعب المغربي فقد كل الوهم في النخب السياسية، ومعه كل أمل في أن يأتي أي إصلاح على يد فصيلة الجوعى للمال والاحتكار والتحكم والتسلط. المغاربة يعولون اليوم ــ من بعد الله سبحانه ـــــ على المؤسسة الملكية وشخص الملك محمد السادس لإحداث النقلة الكبيرة والقفزة العملاقة.
فبيد ملكيتنا كل الإمكانات والثقل والمشروعية لفرض الإصلاح ودحر سرطان الفساد المستشري في مفاصل كثير من المؤسسات، و”تتريك” الفاسدين والمحتكرين وكل الخونة من ظهر منهم ومن بطن.
فرغم طبقات الظلام المخيم على وجه العالم والغربان التي تحوم فوق رؤوس الشعوب، سنبقى متشبثين بالأمل في هذا المغرب الذي يجب أن يثبت للعالم أنه يستحق صفة “الاستثنائي”.