اليوم الأممي للخبز..16 أكتوبر المغربي..يوم من لا يوم له

أحمد التجاني/ رئيس لجنة تأهيل القطاع التقليدي

تظاهر مهنيوا قطاع المخابز والأفرنة البلدية اليوم، أحرارا من كل انتماء نقابي أو جمعوي يؤطرهم قانونيا، تعبيرا عن غضبهم من قصور في التفاعل الجدي “حسبهم” مع معاناتهم، سواء من الإطارات التنظيمية، الوزارة الوصية، السلسلة البيمهنية التي تضمهم أو كم الوزارات المعنية ببرنامجهم التعاقدي الذي لم يكتب له التنزيل منذ 2011 رغم توقيعه ٱنذاك، لكن كل الأطراف الموقعة حبست نسختها بذولاب الأرشفة، وترك القطاع والمكتوون بناره “لمطارحهم” تلهب صفحات أيديهم ووجوههم.

قبل يومنا العالمي هذا، الذي كان من المفترض أن يكون احتفالا بالخباز ومنجزات القطاع وبحبوحته المستحقة ونجاح الإتفاقيات الإطار وترسانة النصوص القانونية التي تربطه والدولة أو الأطراف المعنية بصحته وسعادة معذبيه، خرج المهنيون اليوم أمام مبنى البرلمان، بعد منعهم من التظاهر أمام وزارة الفلاحة، احتفالا بالقتل العمد الممارس في حق قطاعهم.. قمة الماسوشية المستمدة ربما من تعود ودربة المهنيين على حرق أناملهم سهرا على توفير أهم مادة غذائية بموائد الشعب.

وقبل يومنا العالمي هذا، صبيحة الإثنين الفارط، عقد اجتماع وزاري ببعض ممثلي المكتب المركزي للجامعة الوطنية للمخابز والحلويات بالمغرب، حضره ممثل عن الوزارة الوصية أي الفلاحة، ممثل عن وزارة الداخلية، الصناعة والتجارة ووزارة الإقتصاد… لتدارس مضامين البرنامج التعاقدي القديم/الجديد وتحيين معطياته ووسائل تنزيله.

كان اجتماعا أوليا من سلسلة اجتماعات يظل تفعيل مخرجاتها مبهما، بل بعضها قد يزيد الأزمة استفحالا، وبعضها قد يصيب الفران التقليدي الذي يعتبر الهوية الثقافية الغذائية المغربية الأصيلة في مقتل ويمحو للأبد أطلاله المتبقية إن لم يتم اعتماد ٱليات دفاع حقيقية، تعرف حجم الرهان والمعاناة ونوعية الحلول المطلوبة في ظل المهمة العظيمة والقاصمة لظهر المهني التي يتحملها وهي الحفاظ على تسقيف الثمن المرجعي لنوع الخبز الأساسي للغالبية العظمى للشعب في ظل اعتماد الحكومة لسياسة تحرير السوق المضطرد الإشتعال دون نهاية!

وقفة المهنيين أمام البرلمان

يبدو أن ما بقي عن متم سنتنا هاته سيكون حاسما في مستقبل القطاع والمهنة بأصنافها، وعلينا كممثلين له أن لا نكون شعبويين وسطحيين وفئويين في التعامل مع هذه الفترة الحساسة، وعلى الحكومة أن تكون اجتماعية فعلا وليس نصوصا دون فعل، اجتماعية ليس بمنطق “الصدقة” لأن المطالب مستحقة لقطاع عاش مضحيا في الشدة والرخاء، وهو قطعة أساسية في أفق تطلع الدولة نحو رهانات المستقبل القريب..
ولعل أهم مطالب فئة المتظاهرين ظهيرة اليوم، استفحال ظاهرة الإنتاج العشوائي أو “الدكاكين والمقشدات” غير المرخصة لإنتاج الخبز والحلويات نظرا لعدم توفرها على أبسط شروط السلامة الصحية للمنتجات الغذائية، التي تعتبر أولى أولويات لجان المراقبة المستمرة للمخابز المرخصة، ناهيك عن تحرر هاته الدكاكين من أي التزام قانوني يجعل المنافسة العادلة حسب قانون حرية الأسعار والمنافسة الذي يسهر على تطبيقه مجلس المنافسة المعطل لأسباب اجتماعية!

ولم يقتصر هذا الغزو العشوائي على التشوه سالف الذكر، بل تعداه للإنتاج بالمنازل الخاصة وأقبية العمارات، بل منهم من استفاد من دعم الدولة دون تجشمها عناء طرح سؤال مطابقة محل الإنتاج لدفتر تحملات المؤطر للرخص؟!

السؤال المحير والذي يظل لحدود كتابة هذه الأسطر دون إجابة.. كيف يطلب من قطاع المحافظة على سقف ثمن بيع الخبز الأساسي في 1.20 درهم علما أن 90٪ من تكلفته تضاعفت ثلاث مرات وأكثر؟!! ونذكر منها فقط للإستدلال.. تضاعف الحد الأدنى لأجور المستخدمين ثلاث مرات منذ 2004, الخميرة مرتين، غاز البوتان تم تحريره، حيف في تسعيرة الكهرباء مقارنة مع مصانع المستثمرين الكبار، تغيرات في القوانين الضريبية متواصلة التصاعد..

لو اعتمدت فقط النتائج الصادرة عن الدراسة التي قامت بها وزارة الفلاحة نفسها سنة 2015 للقطاع وتكلفة الخبز التي أفادت أنها تلامس معدل 1.18 درهم للخبزة.. فكيف يمكن بيعها سنة 2024 ب 1.20 درهم؟!! أخذا بعين الإعتبار المتغيرات التي فرضتها بعد ذلك التاريخ فترة وباء كورونا، وما تلاها من صعود صاروخي في جل المواد الأولية المستعملة بالمخبزة؟!

إذا، لابد من وقفة في حق هذا القطاع المناضل، الذي بلغت مديونيته لصندوق الضمان الاجتماعي والضرائب أكثر من 100 مليار سنتيم؟! جعلت الكثير من المهنيين و المستثمرين فيه يلقون المنذيل، ومنهم من يرى نفسه أقرب لبوابات السجون من باب منزله..
ولعل اجتماع الإثنين الفارط بمقر الوزارة الوصية بين الجامعة الوطنية للمخابز والحلويات بالوزارات المعنية بإمضاء البرنامج التعاقدي، يأتي في ذات سياق الأزمة المطروحة من القطاع ومتظاهريه، أتمنى صادقا ألا تشوبه عراقيل شكلية وتتوفر النيات السليمة لمأسسة وتقنين هذا القطاع الذي أضحى مهنة من لا مهنة له..
ولعل أولى الخطى في درب الحل، انتظام وتلاحم منتسبي ومهنيي القطاع وتذويب الخلافات الجانبية لتحقيق مبتغى ومطمح كل خباز، وهو تجنب الإفلاس..

* وكل عام وأنتم بألف خير !

للتواصل:
traditionbanassa@gmail.com

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد