الشوارع/المحرر
بينما يتلذذ وزير الصحة القديم الجديد بقصف المغاربة بخرجاته الرعناء، وفيما يحلو له تقسيم الشعب إلى أغلبية وأقلية، تتعرض هذه الأغلبية التي لم تنتخبه في أماكن تسمى مستشفيات إلى أبشع صور التهميش والمعاملة البعيدة عن الكائن الإنساني.
القصة المأساوية التي وقت بالمركز اللاصحي بمشرع بلقصيري لا يمكن أن تتمناها حتى لعدوك. ولو لم تكن موثقة بشريط فيديز لظن البعض وقالوا ــ بمن فيهم آيت الطالب ــ إنها محض مبالغة.
فقد وفدت على هذا المركز مواطنة في حالة حرجة لكي تضع مولودها كباقي خلق الله وتفرح به هي وأسرتها، لكن مسؤولي المركز قالوا لها: سيري لسدي قاسم، وهو الجواب المتكرر للمواطنين الذين صاروا يطلقون اسم “سير لسيدي قاسم” على مركزهم هذا.
لقد طلبوا من مغربية يوشك أن يخرج الجنين من بطنها أن تقطع مسافة خمسة وأربعين كيلومترا، على متن سيارة خاصة وليس سيارة إسعاف، وملي توصل في هذه الظروف الكارثية..عاد تولد وكأن الأمر يتعلق بمعاملة عادية تتحمل التأجيل..كاستلام وثيقة حسن السيرة مثلا..يلاما كان اليوم سير حتى وكااان.
ولأن أجل الولادة لا ينتظر تعليمات ولا يعترف ببيروقراطية فإن الإنسان القادم ضيفا إلى بلاد اسمها المغرب، يترأس فيها قطاع صحة بني آدم فيه شخص اسمه آيت الطالب، فإن الوليد قرر أن يقتحم هذا العالم وأمه في السيارة بباب المركز الصحي لبلقصيري، في وضعية مخجلة ومقيتة أقل جواب عنها في بلاد تحترم مواطنيها أن يستقيل وزير الصحة وتسقط الحكومة برمتها.
سيدة تضع داخل سيارة ونسوة يغطين أبواب السيارة بقماش والناس تتفرج كأنها “سوليما الريف” أعادت فتح أبوابها..وأب مكلوم يكاد يجن لم يجد ما يفعل غير تصوير المشهد..وخيرا فعل لتبقى هذه الوثيقة شاهدة على قيمة سكان المغرب في بداية العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين.
يروى أن هناك اتفاقية مبرمة بين المجلس الجماعي لبلقصيري و وزارة الصحة بخصوص بناء مستشفى و تجهيزه بعد ثلاث سنوات من الآن.
هذه الاتفاقية تكاد تصبح مع توالي الأيام مجرد إشاعة من الإشاعات التي يتم تداولها في مدينة الليمون والشمندر..أي “باريس الصغرى”..وتلك أكبر إشاعة صدقها سكان هذه المدينة الطيبون الغلابى المستضعفون.