حل النزاع حول الصحراء المغربية: تحديات قائمة وفرص واعدة  

الشوارع 

في قلب شمال إفريقيا، يظل النزاع الصحراء حول الصحراء المغربية – واحدًا من أكثر النزاعات إطالةً وتعقيدًا في العالم. فمنذ عقود، يشكل هذا النزاع عقبة أمام الاستقرار الإقليمي، ويؤثر على ملايين الأرواح التي تتوق إلى السلام.

و مع اقتراب نهاية عام 2025، يبرز أفق حل للنزاع بوضوح أكبر، مدعوما بجهود دولية متسارعة وتغييرات دبلوماسية حاسمة. فهل نحن أمام نافذة حقيقية للتسوية، أم أن التحديات القديمة ستعيد إغلاق الأبواب؟.

الجذور التاريخية للنزاع

بدأ نزاع الصحراء المغربية في السبعينيات، عندما انسحبت إسبانيا من مستعمرتها في الصحراء عام 1975، مما أدى إلى “المسيرة الخضراء” التاريخية التي قادها الملك الحسن الثاني. هذه المسيرة السلمية جمعت مئات الآلاف من المغاربة لاستعادة الأرض التاريخية. ومع ذلك، أدى ذلك إلى اندلاع صراع مسلح بين المغرب وجبهة البوليساريو، المدعومة من الجزائر، التي تطالب باستقلال المنطقة.

منذ ذلك الحين، تحول النزاع إلى قضية دولية، حيث أنشأت الأمم المتحدة بعثة مينورسو (بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية) عام 1991 لتنظيم استفتاء ذاتي. لكن الاستفتاء لم يُجرَ أبدًا بسبب خلافات حول قوائم الناخبين، مما جعل أفق حل النزاع حول الصحراء المغربية يعتمد على التفاوض بدلاً من الاقتراع.

التطورات الحديثة قبل 2025

في العقود الأخيرة، شهد النزاع تقلبات كبيرة. عام 2007، قدم المغرب مبادرة الحكم الذاتي كحل واقعي، يمنح الصحراء حكمًا واسعًا تحت السيادة المغربية، مع الحفاظ على الوحدة الترابية. حظيت هذه المبادرة بدعم واسع من المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة وفرنسا. أما جبهة البوليساريو، فتمسكت بمبدأ الاستقلال الكامل، مما أعاق أي تقدم حقيقي في أفق حل النزاع حول الصحراء المغربية.

 صراع المصالح والرؤى

موقف المغرب: الحكم الذاتي كأساس للسلام

يؤكد المغرب، بقيادة الملك محمد السادس، أن الصحراء جزء لا يتجزأ من التراب الوطني. في خطاب العرش لعام 2025، شدد الملك على ضرورة الواقعية والتوافق في أفق حل النزاع حول الصحراء المغربية، مشددًا على أن مبادرة الحكم الذاتي هي الخيار الوحيد الجاد. اليوم، تشهد المنطقة تطويرًا اقتصاديًا هائلًا، مع مشاريع في الطاقة المتجددة والموانئ، مما يعزز جاذبية الحل المغربي.

جبهة البوليساريو والدور الجزائري

من جانب آخر، تستمر جبهة البوليساريو في التمسك بالاستقلال، وقد قدمت مؤخرًا مقترحات لـ”تقاسم فاتورة السلام”، لكنها ترفض التنازل عن مبدأ التقرير الذاتي الكامل. الجزائر، الداعم الرئيسي للبوليساريو، تواجه عزلة دبلوماسية متزايدة في 2025، حيث تُتهم بتعطيل الجهود الدولية. رئيس ما يسمى الجمهورية الصحراوية، ابراهيم غالي، أرسل رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة في أكتوبر 2025، مطالبًا باستئناف الاستفتاء، مما يعكس التوترات المستمرة في أفق حل النزاع حول الصحراء المغربية.

دور الأمم المتحدة: بين الوساطة والإحباط

تلعب الأمم المتحدة دورًا محوريًا من خلال مينورسو، التي تراقب وقف إطلاق النار منذ 1991. في تقرير الأمين العام الأخير لعام 2025، جدد غوتيريش الدعوة إلى حوار مباشر بين المغرب والجزائر، مطالبًا الأخيرة بجهد أكبر لدعم التسوية. هذا التقرير يؤكد أن “الواقعية والتوافق” هما مفتاح أفق حل النزاع حول الصحراء المغربية، مع التركيز على الحكم الذاتي كأساس.

التطورات الدولية في 2025:

مسودة القرار الأمريكي: تغييرات جذرية

في أبرز التطورات لعام 2025، كشفت الولايات المتحدة عن مسودة قرار لمجلس الأمن، تُحدث تغييرات “جوهرية” في نهج النزاع. تشمل المسودة تمديد ولاية مينورسو لثلاثة أشهر فقط، مع تحديد 31 يناير 2026 كموعد لـ”حل سياسي نهائي”. كما تدعم المسودة مبادرة الحكم الذاتي كـ”الحل الوحيد الجاد”، وتفتح الباب لإنهاء البعثة إذا لم يتحقق التقدم. هذا القرار، الذي يُتوقع التصويت عليه نهاية أكتوبر 2025، يعكس دعمًا أمريكيًا قويًا لسيادة المغرب، ويُعتبر خطوة حاسمة في أفق حل النزاع حول الصحراء المغربية.

مستشار الرئيس ترامب، ستيف ويتكوف، أكد في مقابلة مع “فرانس 24” أن “الوقت حان لإيجاد حل نهائي”، مشيرًا إلى إمكانية اتفاق سلام بين المغرب والجزائر في أفق زمني قصير. هذه الجهود الأمريكية تُعد نافذة دبلوماسية نادرة، حيث تسعى واشنطن إلى ربط حل النزاع بتعزيز الاستقرار الإقليمي.

الدعم الدولي المتزايد للمبادرة المغربية

لم يقتصر الدعم على أمريكا. في أكتوبر 2025، جددت فرنسا تأكيدها “غير المتزعزع” لسيادة المغرب على الصحراء، معتبرة الحكم الذاتي “الأساس الوحيد الجاد” للتسوية. كما انضمت بلجيكا إلى قائمة الداعمين، معلنة دعمها لمبادرة الحكم الذاتي كحل واقعي. حتى روسيا، رغم تحفظاتها، شددت في سبتمبر 2025 على الحاجة إلى “حل نهائي” يشمل جميع الأطراف.

هذه التطورات تعكس تحولًا في الرأي الدولي، حيث أصبح أفق حل النزاع حول الصحراء المغربية أكثر واقعية، مع تركيز على الجهود التفاوضية بدلاً من الاستفتاء المعلق.

التحديات أمام أفق حل النزاع

رغم التقدم، تواجه أفق حل النزاع حول الصحراء المغربية عقبات عديدة. أولها، العزلة الدبلوماسية للجزائر، التي تحاول في اللحظات الأخيرة التأثير على قرار مجلس الأمن، مما يعرضها لمزيد من التوترات. ثانيًا، تمسك البوليساريو بالاستقلال يعيق الحوار، خاصة مع تزايد الدعم الدولي للمغرب. كما أن التكاليف الاقتصادية للنزاع – التي تُقدر بمليارات الدولارات سنويًا – تضغط على الجميع .

بالإضافة إلى ذلك، يُشير تقرير مجموعة الأزمات الدولية إلى أن “النافذة الدبلوماسية” في 2025 قد تغلق إذا لم يتم استغلالها، مع مخاطر تصعيد عسكري محدود. هذه التحديات تتطلب إرادة سياسية قوية لتحويل أفق حل النزاع حول الصحراء المغربية إلى واقع ملموس.

سيناريوهات مستقبلية واعدة

في سياق 2025، تبرز ثلاثة سيناريوهات رئيسية لأفق حل النزاع حول الصحراء المغربية. الأول، التسوية التفاوضية وفق مبادرة الحكم الذاتي، مع توسيع الصلاحيات للمناطق الجنوبية، مما يفتح أبواب الاندماج الاقتصادي مع الجزائر وموريتانيا. الثاني، إنهاء مينورسو وتحويل النزاع إلى قضية إقليمية، مع ضغوط أمريكية لاتفاق سلام شامل.

أما الثالث، فهو استمرار الجمود إذا رفضت الجزائر المشاركة، مما قد يؤدي إلى تعزيز الاعتراف الدولي بسيادة المغرب. الخبراء يرون أن الدعم الأمريكي والأوروبي يجعل السيناريو الأول الأكثر احتمالية، خاصة مع اقتراب موعد 2026.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يلعب الاتحاد المغاربي دورًا في تعزيز أفق حل النزاع حول الصحراء المغربية، من خلال إعادة إحياء التعاون الاقتصادي. تخيل منطقة مغاربية موحدة، حيث تتحول الصحراء من مصدر صراع إلى مركز للطاقة الشمسية والتجارة.

   نحو سلام مستدام

يُظهر عام 2025 أن أفق حل النزاع حول الصحراء المغربية لم يعد وهمًا بعيدًا، بل واقعًا يتشكل بفضل الدعم الدولي والضغوط الدبلوماسية. مبادرة الحكم الذاتي تمثل الطريق الأمثل للسلام، يحافظ على الوحدة ويفتح آفاق الازدهار. ومع ذلك، يتطلب النجاح إرادة جماعية من جميع الأطراف، خاصة الجزائر، لتجاوز التحديات.

إن حل نزاع الصحراء الغربية ليس مجرد مسألة سياسية، بل فرصة لإعادة بناء الثقة في المنطقة. دعونا نأمل أن يصبح 2026 عام السلام الحقيقي، حيث تتحول الصحراء إلى رمز للوحدة لا الفرقة.

 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد