أحمد حمود
أرادت وزارة الثقافة تشجيع الجمهور على مشاهدة الأفلام المغربية، فأجهزت على المسرح حرفيا..
لا أفهم كيف يمكن اتخاذ قرار بهذا الشكل، دون استشارة ذوي الاختصاص، ولا أفهم سكوت أصحاب الاختصاص على قرار كارثي كهذا..
ببساطة، لقد تم تحويل خمسين مسرحا الى قاعات سينمائية بين قوسين، وسيتم إضافة مائة أخرى، على أساس أنه سيتم عرض الأفلام طيلة أيام الأسبوع، ما عدا الإثنين والثلاثاء، اللذين تم تخصيصهما للمسرح.
بغض النظر عن هذا الحيف في التوزيع الزمني، وبغض النظر عن تخصيص يومين من بداية الأسبوع للمسرح، حيث لا أحد يخرج لمشاهدة العروض، وبغض النظر عن تخصيص الإثنين والثلاثاء يومي العطلة الأسبوعية لتقنيي القاعات. ولكن الكارثة الحقيقية هي أن هاته القاعات لم تعد صالحة للفعل المسرحي..
كيف لهم ألا يروا ذلك؟
لقد وضعوا شاشة عظيمة بيضاء لا يمكن تحريكها أو رفعها وسط الخشبة، علما أن أغلبية هاته القاعات تتوفر على شاشات متحركة..
ببساطة، إنها جريمة قتل في حق السينوغرافيا. على هذا الأساس يجب على أي سينوغراف، وقبل البدء في وضع أي تصور، أن يبدأ برسم الشاشة البيضاء العملاقة أولا، باعتبارها جزءا اجباريا من الديكور، وإن كان يحترم ولو قليلا تناغم الألوان، فإن جميع سينوغرافياتنا ستخرج بيضاء كالدجاج الرومي.
إضافة الى أن هذه الشاشة تلتهم حوالي مترين من عمق الخشبة، رغم أننا طالما اشتكينا من أن خشبات مسارحنا لا تتوفر على عمق كاف.
الأمر كما لو نزعت المطرقة من الحداد و قلت له اشتغل..
لقد تم منح 25 مليون درهم من طرف المركز السينمائي دعما لعدد من القاعات السينمائية، فلماذا يتم تدنيس المسرح بميزانية قدرها 70 مليون درهم؟
لماذا يتم رصد مبلغ 12 مليون درهم دعما للمسرح لكي لا تجد الفرق المسرحية أين تقدم عروضها؟
لماذا يتم رصد مبلغ 70 مليون درهم لكي تعرض الأفلام في قاعات فارغة إلا من الكراسي، حيث أغلب هذه القاعات لا تجني أكثر من 200 درهم في الأسبوع.
فما هو السند القانوني الذي يسمح لقطاع الاتصال بتحصيل مداخيل خدمات تقدم في مراكز ثقافية تابعة لقطاع الثقافة ( العروض السينمائية المبرمجة يوميا)
ولماذا لم يتم تخصيص هذا المبلغ الضخم لإحياء القاعات السينمائية؟
و في الأخير، ما هذا الاستهتار بالمسرح ؟
وهل هذه هي الصناعة الثقافية؟