صحافة في زمن التيه..لجنة منتهية الصلاحية..وبنسعيد يُفسد مناظرة “الإشهار”
اتحاد المقاولات الصحفية الصغرى يقاطع مناظرة "الإشهار"
الشوارع ــ متابعة
دخل الزمن الإعلامي بالمغرب مرحلة التيه القانوني والمؤسساتي، فيما الشارع المغربي يغلي ولا صوت فوق صوت مظاهرات حاشدة مطالبة برحيل حكومة عزيز أخنوش. في هذا المنعطف الحساس تنطلق أصوات مهنية منددة بما حصل في صحافة تآكلت، ومحتجة على عبث يتراكم في كل أركان المجال.
أعلن اتحاد المقاولات الصحفية الصغرى للرأي العام الوطني، مقاطعته الرسمية لأشغال المناظرة الوطنية حول الإشهار، المزمع تنظيمها اليوم الأربعاء 8 أكتوبر 2025 بمدينة الدار البيضاء، تحت إشراف قطاع التواصل بوزارة الشباب والثقافة والتواصل.
وقال الاتحاد إنه تم إعداد هذه المناظرة “في غياب تام لأهم مكون مهني يمثل النسيج الأوسع من المقاولات الصحفية الوطنية، وهو اتحاد المقاولات الصحفية الصغرى، الذي يضم المنابر الورقية والإلكترونية المعترف بها قانونا”
وأضاف الاتحاد في بلاغ له بهذه المناسبة الإقصائية إنه “كان أول من طرح بإلحاح ملف إصلاح منظومة الإشهار العمومي والإعلانات الإدارية والقضائية، وقدم بشأنها أرضية متكاملة ومقترحات عملية إلى الوزارة الوصية والجهات المعنية، دون أن تجد للأسف آذانا صاغية”.
واستنتج الاتحاد أن إقصاءه من الإعداد والمشاركة في مناظرة وطنية بهذا الحجم “لا يمكن تفسيره إلا كاستمرار لسياسة التهميش والإقصاء التي تستهدف المقاولات الصحفية الصغرى، في الوقت الذي كان المنتظر هو إشراكها كفاعل أساسي في صياغة توجهات الإصلاح، باعتبارها الطرف الأكثر تضررا من الفوضى التي يعرفها قطاع الإشهار”..
وبلغة المتيقن من خبايا الأمور عبر التجربة أكد بلاغ “المقاولات الصحفية الصغرى ” أن “إصرار الوزير على إقصاء اتحاد المقاولات الصحفية الصغرى من أي مشروع يهم القطاع، بدءا بمرسوم الدعم، مرورا بمشروع القانون المعيب الخاص بالمجلس الوطني للصحافة، وصولا إلى ما سمي بـ”مناظرة الإشهار”، يكشف عن توجه ممنهج يروم تكريس الطبقية والتمييز السلبي والعنصري داخل القطاع الإعلامي”..
وشدد الاتحاد نفيه على أن أي إصلاح جاد لمنظومة الإشهار العمومي والإعلانات الإدارية والقضائية “يجب أن ينطلق من مقاربة عادلة وشفافة، عبر إحداث وكالة وطنية مستقلة للإشهار تخضع لمعايير الحكامة والإنصاف والتوزيع العادل، وتقطع مع منطق الريع والتبعية السياسية، حتى يصبح الإشهار أداة لتنمية الإعلام الجاد وليس وسيلة للابتزاز أو شراء الولاءات”.
واستبق الاتحاد صدور أي توصيات أو خلاصات ستصدر عن هذه المناظرة في غياب التمثيلية المهنية لاتحاد المقاولات الصحفية الصغرى، بأنها ” تظل فاقدة للمشروعية والمصداقية، ولا تلزم المقاولات الصحفية الصغرى في شيء، لأنها تقوم على إقصاء مكون أساسي من مكونات الحقل الإعلامي الوطني”.
وفي سياق الوضع المأزوم لقطاع الصحافة على عهد هذه الحكومة ووزيرها في الاتصال، قالت الهيئات النقابية والمهنية لقطاع الصحافة والنشر بالمغرب، في بلاغ لها يوم أمس الثلاثاء، ان اللجنة المؤقتة استكملت فترة انتدابها ولا صلاحية لأعضائها في ممارسة أي نشاط ولا حق لهم في ولوج مؤسسة التنظيم الذاتي.
وقالت الهيئات المعنية في بلاغ رسمي إن اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر المحدثة من قبل الحكومة بموجب قانون رقم 15.24 قد أكملت فترة انتدابها المحددة في سنتين بداية شهر أكتوبر 2025، ولم يتم تجديد تركيبة مؤسسة التنظيم الذاتي لا عند اكتمال مدة اللجنة المؤقتة ولا قبل ذلك، كما أورد القانون المحدث لها في مادته الثانية.
وزاد البلاغ أن القطاع بات يعيش “الفراغ في كل معانيه القانونية والعملية والأخلاقية، ولم تر الحكومة ووزيرها في القطاع أي داع لصياغة حل أو مخرج من هذا المأزق الحقيقي”.
كما ذكرت الهيئات النقابية والمهنية الرافضة لمشروع إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة بقضايا أساسية ومن بينها:
ــ إن المجلس الوطني للصحافة، ومنذ نهاية ولايته القانونية سنة 2022، وبعد التمديد له لستة أشهر من أجل إجراء انتخابات تجديد هياكله، أو عند تشكيل لجنة مؤقتة، لم يتمكن من الخروج من هذا الانحباس القانوني والمسطري بالرغم من المراسلات العديدة للهيئات المهنية التي نبهت لخطورة هذا الفراغ.
ــ أن هذه الفترة كانت حبلى بالتصرفات الاستبدادية التي أدت إلى زيادة منسوب التوتر داخل القطاع، وارتكبت مجازر إدارية شوهت صورة المجلس.
ــ أن اللجنة المؤقتة “نجحت” في التهام الوقت بالمناورات وخلق الأزمات، وساندها في ذلك الوزير الوصي على القطاع الذي امتنع عن أي حوار جاد ومنتج مع ممثلي المهنيين، وتولت وزارته صياغة مشروع القانون بشكل أحادي بلا أي حوار رغم أن الحكومة هي صاحبة المبادرة التشريعية ومن واجبها الالتزام بالمقاربة التشاركية.
ــ هذا السلوك غير الجدي والمناور انتهى بتقديم مشروع قانون لإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة رفضته الأغلبية الساحقة للجسم المهني والمركزيات النقابية وكل المنظمات الحقوقية وخمسة وزراء اتصال سابقين، وانتقدته مؤسستان دستوريتان طلب منهما رأيهما الاستشاري.
وتأسيسا على ما سلف، أعلنت المنظمات المهنية للصحافيين والناشرين الموقعة على هذا البيان لكل من يهمه أمر مصير الصحافة بالمغرب إلى ما يلي:
ــ تحميل الحكومة مسؤولية الفراغ في تدبير شؤون قطاع الصحافة والنشر، وتعتبر أن اللجنة المؤقتة بموجب القانون المحدث لها أصبحت مع بداية شهر أكتوبر الجاري (2025) غير قانونية وغير شرعية وتفتقد لأي صفة تحت أي طائل في إنجاز المهام المخولة لها بمقتضى القانون المحدث لها (قانون رقم 15.23)؛
ــ دعوة الحكومة إلى تحمل مسؤوليتها القانونية والإدارية في تصريف شؤون القطاع، وتؤكد رفضها المطلق لأي مؤسسة خارج مؤسسات الدولة في تدبير شؤون القطاع، وتُحذر من أي انزلاق قد يتم السقوط فيه مجددا إرضاء للوبي الاحتكار والريع والتحكم؛
ــ تحث المسؤولين من كافة مواقعهم إلى التدخل الفوري والعاجل من أجل الإنهاء مع حالة الاستثناء والقطع مع كل مخططات التغول والتحكم، من خلال دخول الحكومة في حوار قطاعي جاد ومنتج مع الممثلين الحقيقيين للمهنة والمهنيين، والدفع في اتجاه توافق وطني واسع للخروج من المأزق؛
تعليق:
قبل سنوات، وتحديدا في صيف 2019، نشرنا في هذا الموقع رأيا اعتبر ساعتها نشازا حول طاعون قادم لم يبقي ولن يذر قرارة غير ممتعة.