الشوارع
مثلما كان لدخول المغرب بكل قطاعاته جحرا صحيا وحالة طوارئ بسبب الوباء المستجد، بدأت تظهر الأعراض الجانبية لمخاض الاستعداد لخروج تدريجي مبدئي منه بعد أسبوعين، في حال سارت الأمور على ما يرام ووفق ما يتمناه الشعب والدولة.
ومن بين العادات الاستهلاكية التي كان المغاربة قبل الوباء شبه مقاطعين لها عادة القراءة، وفي مقدمتها إعراضهم عن بضاعة الصحف الورقية التي تستهلكها شموس الأكشاك وغبارها أكثر مما يستهلكها قاريء مفترض صار نادرا جدا.
وبقدر إحجام المغاربة عن الورقيات ازداد إقبالهم على أخبار الإنترنت ومنصاته العابرة للقارات والحدود والثقافات.
ولا يبدو أن عودة مؤسسات الورقيات لاستئناف نشاطها سيكون سهلا أو طبيعيا من حيث الطباعة والتوزيع والبيع، لأسباب متداخلة فيها ما ذكرنا من حيث كساد هذا السوق منذ سنوات،فضلا عن تعقيدات سلسلتي الإنتاج والتسويق وتصريف المنتوج.
فرغم قرار وزارة الثقافة والشباب والرياضة إمكانية استئناف إصدار ونشر وتوزيع الصحف اعتبارا من يومه الثلاثاء، فالأمر ليس مجرد ضغطة على زر أو كبسة على جرس كي تنطلق القافلة.
لماذا؟
ــ لأن القنوات الرئيسية أي نقاط البيع المتمثلة في الأكشاك غير متوفرة أصلا في ظروف الحجر الصحي.
ــ لأن ما تبقى من مشتري الصحف بالمغرب هم أصحاب المقاهي والإدارات، وهو السوق المقفل حاليا..فلمن البيع إذا؟
ــ لأنه حتى لو توفرت الأكشاك فرضا فأين هو القارئ الذي يوجد أصلا في حجر منزلي ممتد لثلاثة أشهر تقريبا، ويحسب خطواته قبل التبضع أساسيات المعيشية فما بالكم بترف قراءة الصحف؟
ــ لأن المغرب صار جزرا تفصل بينها الحواجز، بل حتى داخل المدينة نفسها تقسيمات ونقط مراقبة مشددة على التنقل، فكيف يمكن ضمان نقل الصحف عبر مدن بعيدة عن مركز الرباط ــ البيضاء بمئات الكيلومترات؟
يبدو أن تدوينة وزير الثقافة التي سمحت لأرباب الصحف باستئناف الإصدار كانت فقط تزجية لوقت حكومي رتيب أكثر منها قرارا جديا.