كلهم ضدك يا هاجر: القانون و”النضال” وحتى عمك سليمان..إلا أنا

أحمــد الجـــلالي  

يشعر المرء بالأسى الموجع حين يقف على اعتقال وسجن أي مخلوق كان، فما بالكم بشابة اسمها هاجر الريسوني، بينما كانت تتأهب للجلوس على “العمارية” تجد نفسها تركب سيارة الشرطة وسيارة مصلحة السجون، وبدل الفرح مع الأقارب هاهي تحزن بين نزيلات المعقل.

وتشعر بالألم يمزق أحشاءك حين تكتشف أن هاجر بدل أن تكون مع زوجها في شهر عسل، هاهي ذي معه سجينان يستأنفان الحكم على أمل مراجعة الحكم أو إلغائه.

وتشعر بالقرف المميت يتسلل إلى روحك من كل هذا النفاق ــ في وحول  ومن ــ الذين يستعملون اسم هاجر باسم الدفاع عن هاجر لأغراض لو وعتها هاجر لبصقت في “كماميرهم”.

 يستعملون اسم هاجر الصحافية لضرب الصحافة التي لا يريدون لها أن تكون أو لا تروقهم، أو يركبون على قضية هاجر لتصفية حسابات عالقة في الأغشية الداخلية لقنوات لم يمر منها “الصرف” بالقدر المأمول، أو لم تجر أصلا من خلالها “سيولة”.

يمتطون كل هذا اللغط حول قضية هاجر لتصفية حسابات” حقوقية” قديمة لم ترس سفينته على الساحل الذي كانوا يريدونها أن ترسو عليه من أجل”التزود والشرب”.

حتى الذين صمتوا وأصيبوا “بلقوى” الكلاب الجرباء يمنون النفس بجزاء وفاق/نفاق لصمت الشياطين الخرساء، ولا يجدون أي حرج في النباح غدا في قضية تشبه هذه القضية إن تأكدوا بحاسة الشم الكلبية التي متعتهم بها الطبيعة ألا “علف” ولا ألف ولا مليون بالانتظار.

حتى اللواتي يقلن بالالتزام وإنهن على صف العفة حسبنها جيدا وقررن متى ينتصرن للحياة الخاصة والحريات الفردية ومتى يكفرن بها.وحتى الذين جعلوا من اللوطية والزنا برنامجا سياسيا انتخابيا، قرروا تمرير كل القاذورات التي لفظهم المجتمع وإياها، وتصريفها في مجاري “الصرف” على حساب معاناة هاجر.

الأحزاب؟ يا لي من هذه الأحزاب، وعلى رأسها في القضية التي بين أيدينا “حزب قيل إنه إسلامي”، لكنه أبان عن مواهب نعاماتية ( من نعم و من النعامة) فذة.فالطبقة المستوزرة من البيجيدي ومحيطها هم دهاة الانتهازية و حملة لواء “وبعدي تسونامي”.

ومن عالجوا ملف هاجر في مختلف مراحله إلى الآن ومن أذاعوا بلاغات سبرت غور تفاصيل جغرافيا جسدها دون حياء ولا توقير لها كأنثى على الأقل..لا يهمهم أن يصبح المغرب مختصرا في العالم كله في “رحم امرأة اسمها هاجر”.

وحتى الطبيب الشرعي ــ شرع الله معه يعني التسليم ــ ضربها بسكتة فم حتى صدر الحكم فقام ليلا ليدون ويفسبك، وهو بذلك أساء وشوش من حيث ظن أنه “معلم”، كذلك الذي يحكي عنه مغاربة أيام النضال المسلح أنه بعيد الاستقلال طالب بإكرامية ومأذونية نقل لأنه “ما قصرش من جهدو وكان كيدعي في النصاري ويشتمهم في قلبه”.

هؤلاء جميعا لا يهمهم أن يلقى بهذه السيدة الشابة في اليم ولا في الغم ولا في الهم ولا أن تعاني قلة الحيلة وانعدام الدرهم…تهمهم أنانيتهم.

وقد كنا نعول أن يؤدي عمها سليمان الريسوني شخصية “الحكيم المتعقل” التي طالما سوقها عبر صفحات “أخبار اليوم” التي انتهت روحها بدخول توفيق السجن ولم يبق سوى الهيكل الذي يمكن أن يملأ بأي شيء ويستمر..لكن التجربة بصمة مرتبطة بصاحبها، وبدونه تتبخر، فيما تقليد المنتوج الأصلي يصير مسخا.

سليمان وبدل أن “يرصي رأسه”  فعلا ويخدم قضية ابنة أخيه بهدوء، انساق وراء القربى والذات بحمية أفقدته كل الصواب.  

  لقد اشتط الخيال بعيدا بسليمان وشبه ابنة أخيه بالأنبياء “هكذا يا هاجر فعلوا بالسيد المسيح: سجنوه وقالوا عنه ابن زنى”.

ثم عرج على الوطن/المغرب ورآه بشرا وحجرا يرمى به تحت جنح الظلام إلى القمامة: “لكننا لا نملك أن نمنع ملايين المغاربة من البكاء على وطن «يجرفه الكناسون مع القمامات في آخر الليل”.

سؤال بسيط: تتحدث يا عمها بصيغة المتكلم الجمع “لكننا”…أجماعة أم أسرة تعني؟ إن استلهام شعر “الماغوط” وسكراته الشعرية ليس دوما موفقا..للأسف.

وفي أخر ما اقترف سليمان تساءل: “هل يريدون منا أن نؤسس تنسيقية للصحافيين الذين فرض عليهم السجن، وتنسيقية للصحافيين الذين فرضت عليهم الهجرة خارج الوطن، وثالثة للصحافيين الذين فرض عليهم الصمت..أما تنسيقية الصحافيين الذين فرضوا على أنفسهم الاشتغال ضباط شرطة، فمنظمة وقوية أكثر من أي وقت مضى”.

  ــ أما تنسيقية الذين فرض عليهم السجن فلا نريد لهاجر أن تجيب عن سؤال “النوع” بينهم؟

ــ وأما تنسيقية الذين فرضت عليهم الهجرة..فإن الهجرة ليست عيبا وحالهم أحسن من أحوال زملائهم بالمغرب…فلا تحزن لأن أحسن مكتوب في هذا الزمن الإعلامي الرديء الذي يمكن لأي كان أن يصبح فيه رئيس تحرير وكاتب رأي، أحسن قدر هو أن تفرض عليك الهجرة نحو أمريكا.

ــ وأما تنسيقية من فرضواعلى أنفسهم الاشتغال ضباط شرطة، فنرجو أن تنشر لائحة بأسمائهم لكي يستفيد منها مجلس يونس مجاهد للصحافة ويمنحهم بطائق بإخراج مميز في موسم 2020، باش أصحاب الندوات يديرو بحسابهم ويوفروا لهم “التقارير” على تيساع…

أتدري لماذا يا سليمان؟

لأن الزحام” خايب” ما بين  الموهوبين من الجنرالات الحقيقيين لمهنة الصحافة..و”ضباط” التنسيقية التي تحدثت عنهم بوثوقية مثيرة للفضول الصحافي.

سليمان يا عمها..نقدر حزنك المبرر..لكن مهلا: هل كنت لتقيم هذه القيامة الصغيرة، لو كان الإسم العائلي لهاجر ليس “الريسوني”؟

 www.achawari.com

 

 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد