لن نحفر لصاحبة الجلالة قبرا باسم مجلس وطني للصحافة

 أحمد الجلالي


يسود هذه الأيام احتقان كبير في صفوف الصحافيين الحقيقيين بالمغرب، الذين ليسوا مجرد أعداد في لوائح بل هم أرقام حقيقيون لو كان المعيار ببلادنا، وفي نقابة الصحافيين، النزاهة والمهنية فعلا.
سبب هذا الاحتقان الذي تحول إلى تقيحات في القلب والعقل المهني هو مهزلة الإعداد لانتخاب المجلس الوطني للصحافة وما يصاحبها من أساليب قد يكون جيل المخضرمين وجيل الشباب ظنوا أنها دفنت مع الزمن البصروي.
لكن هيهات..فلم ندفن الماضي بعد، كما ألف ونظر لذلك الراحل غلاب صاحب “مع الشعب”. إن الكولسة والتعتيم و “لقوالب” و “اللعيبات الحزبوية” و “سير اضيم” وباقي ألاعيب الأبالسة باقية ويراد لها التمكين والغلبة.
لقد قيل للناس، والناس هنا هم المهنيون أبناء هذه الحرفة النبيلة الجميلة وليس اللقطاء ولا المظليون المنزلون فوق رؤوسنا تنزيلا، قيل لـ “أولاد وبنات الناس” ترشحوا فأنتم أحرار، وهناك لجنة “حكماء” لا يأتيها الباطل من فوقها ولا من تحتها..فقلنا مرحبا. قيل لنا إنها تتشكل من فلان و فلان وفلان..طلع في الحلق بعض الطعم المر لكن مضغناها كي لا نكون “سلبيين” و “متطرفين”، ثم قيل لنا يا ناس إن عنصرين من اللجنة المنزهة عن العبث قد اعتذرا فقلنا وما العمل؟ قيل لعبد الصبور اصبر فسوف نرقع اللجنة، وفعلا رقعوها ” من طرف وهات”، أي حلقوا “باللي كاين وصافي”..أصيب المتتبعون بتلك الضوخة التي يشعر بها من يقع تحت تأثير التنويم المغناطيسي.
ولم يصح المهنيون إلا وهم أمام مشهد سوريالي من إحدى مسرحيات “بريشت”.
لجنة “الحكماء” التي أريد لها أن تكون ــ وخارج أي قانون ـــ فوق المجلس نفسه لم تر في كل خلق الله من مئات الصحافيات والصحافيين سوى الأسماء نفسها و الوجوه نفسها و السحنات ذاتها.

دلونا يا سادة رجاء، هل يوجد في اي من الكتب السماوية أن هؤلاء بالتحديد هم قدرنا المقدور؟

“واش دابا لي بغا يوصل لشي مجلس خاصو يبحث عن لجنة التي يضمن أنها ستختاره هو ومن معه؟”، ولكنه موسم الهجرة نحو العلف والبرسيم الفاخر في مجلس أسال لعاب وشحمة مخ بعض أشباه المهنيين فهرولوا إليه وفي طريق الهرولة هذه أرادوا أن يدوسوا المهنيين الحقيقيين.
عفوا، لسنا برسيما يؤكل ولا علفا يعلف ولا حتى مشروبا سيسهل هضمكم بعد التلذذ بما لم يلذ لكم ولن يطيب، مادام في عروقنا دم الكرامة يجري.
ومن سيئات هذا الجنون الذي أصاب القوم نذكر التالي:
ــ ضمت اللائحة رئيس النقابة ونائبته ورئيس المجلس الوطني تحت شعار “اللهم لذذنا ولا تلذذ معنا أحدا” وفي رواية أخرى “مكاين غير احنا”..عاشت النزاهة.
ــ لقد أقصوا نصف تراب المملكة ونقصد به الصحراء الغالية من أيه تمثيلية، وهو ما أجج الوضع عند زملائنا بالصحراء، وهذا سلوك مقيت والله ما ينبغي أن يسكت عنه، ولا نظن أن زملاءنا بالصحراء المغربية سيتركون الأمر يمر دون رد فعل.
ــ ضربوا بعرض الحائط  تنسيقية الصحافة الالكترونية، التي اسست في قلب النقابة نفسها، والتي تضم خيرة الصحافيين بالمغرب، وكلهم سليلو المهنة وأبناؤها الحلال، مروا بالتجارب الورقية من خلال عناوينها البارزة كالأسبوع الصحفي و “مغرب اليوم” و الصباح والمساء والجمهور و الأخبار و القنوات الوطنية والدولية والإنتاج السمعي البصري ومؤسسات الإعلام الحزبي و الصحف العالمية ك”الشرق الأوسط”..وزيد وزيد بل منهم كتاب وروائيون ومترجمون يتقنون لغات العالم الحية..كل هذا لا يروق لـ”قيادة” النقابة، وطبعا كيف سيروق لهم مجرد ذكر أصحاب هذه التجارب لأنها تشكل نقيضهم المهني والفلسفي و الوجودي و المادي والمعنوي؟؟؟
ــ لقد أحاطوا كل ما اقترفوه بسرية خطيرة و ظلوا يطبخون في صمت، بل وعملوا على ترضية بعض الخواطر الغاضبة لشراء الصمت والولاء ولو مؤقتا، مع تقديم وعود بـ” ميكون غير الخير غير صبروا”، ولكن الروائح الخانزة تخرج من بين ثنايا الجسم ومن بين تلافيف النوافذ والفتحات لسوء حظهم.
ــ ولكي يكملوا العدد والعدة سيختارون ــ قاليك أسيدي ــ شخصيات من خارج الصف المهني “باش تكمل الطرحة”،وكأن لسان حالهم ينشد: إني أفتح العين على كثير من الخلق ولكن لا أرى أحدا..
ــ ولأنهم “مهندسون تدميريون” وليسوا مهندسي بناء فقد خططوا “على تيساع” ومنحوا القدر الكافي من العناصر البطائق التي ستنفع عند الشدة لضمان التصويت..يعني نفس “اللعيبة” أثناء مؤتمر النقابة.

ــ نراهن العالم كله أن تزال التعويضات والأجور السمينة المرتقبة للمجلس وللنظر ساعتها هل سترى للقوم بعد من حماسة أو “خاطر لشي مجلس” إنهم يبحثون عن تقاعد مريح وتعويض بطريقة أخرى لنهاية “الخدمة”.
نتساءل عن القامة المهنية لمعظم هؤلاء المتحكمين في النقابة ومن خلالها المهنة، الذين يريدون أن يغتصبوا مهنة الصحافة في شهر رمضان المبارك كي تحمل سفاحا وتلد مخلوقا مشوها بلا نسب؟ ماهي إسهاماتكم يا سادة؟ ماهي مؤلفاتكم في الميدان؟ ما رأسمالكم غير بيع الكلام المطاط؟
نقولها لكم بصراحة، وبيننا التاريخ، أنتم جزء من المشكلة والمعضلة ولن تكونوا أبدا جزءا من أي حل، أنتم ــ وليست أمنا النقابة الوطنية ــ جزء من النخبة البالية التي لا تريد أن تتقاعد، وبذلك تسهم في تعطيل عجلات النمو في المغرب، بل أنتم أحدد مسببات عرقلة النموذج التنموي بالمغرب.
خير ما يمكن أن تصنعوه بأنفسهم،مادمتم لا تفكرون سوى في ذواتكم، أن تنسحبوا في هدوء وترتاحوا بعيدا عن صخب الصحافة فقد صار صخبكم مقززا لمسامعنا.
انسحبوا ببقية شرف قبل أن تسحبوا على وجوهكم وبطونكم ليس بيد الزملاء وإنما بفعل فضائحكم. إن لكل ملف نسخا في الدنيا والآخرة. بيننا التاريخ حكما وهو أقوى من ألاعيبكم وأحقادكم. لن تمر هذه المهزلة والجواب في الميدان.
 “#أشمن _مجلس_مقاطعون

www.achawari.com

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد