من معركة كوفيد إلى الكركرات…شعبية محمد السادس “في العلالي”

الشوارع/المحرر

بالقدر الذي يهتم الملوك والزعماء بحاضرهم يعنون أيضا بمستقبلهم القريب والبعيد. ونقصد بالمستقبل البعيد ما سيذكرهم به التاريخ. أي تلك الصورة التي سترسم في سجلات الزمن عنهم.

وسيذكر التاريخ بلا شك أن السنة الحالية شهدت اقوى اختبارين في نهاية العقد الثاني من حكم ملك المغرب محمد السادس.

مع بداية هذا العام الاستثنائي على العالم كله، حل بالمغرب وباء كوفيد فوضع المنظومة الوطنية كلها على المحك: أمنيا واقتصاديا واجتماعيا وإعلاميا.

توالت الأيام الرمادية والسوداء وبقدر المخاوف التي تناسلت بسرعة اتضحت صورة مستويات المؤسسات الوطنية وساد الارتباك وافتضحت الهشاشة على كل الأصعدة.

وفي ظل ذلك الجو المشحون بالهواجس جاء الدور على المؤسسة الملكية فنهض الملك بكل صلاحياته وإمكاناته وأعطى الأوامر بسرعة فأغلق الحدود واجتمع بكبار وسامي موظفي الدولة ووضعت الخطط المرحلية ومتوسطة المدى وكان ما تعلمون من تميز استباقي للمغرب رغم النقائص البنيوية والموروثة.

سجل الملك سبقا من بين جل دول العالم في التعاطي السريع مع الجائحة ولم يجد الإعلامي الدولي مناصا من الاعتراف بتلك الحقيقة.

دار الوباء دورته القبيحة ودخلت بلادنا في موجة ثانية شرسة لهذا الفيروس الملعون.ومرة أخرى، وباستثناء المؤسسة الأمنية الواقفة على رجليها بثبات، اتضح لشديد الأسف ارتباك حكومي وحزبي في التعاطي مع المستجدات المخيفة أمام معدل إصابات يومي وصل إلى الآلاف.

ولشديد الأسف،لا تملك الحكومة بكل مكوناتها أي تصور لما يجب أن يفعل وبسرعة سيما وأن الزمن صار عدوا حقيقيا.

وفي هذا الظرف العسير تحرك الملك مرة اخرى لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان فاتخذ ــ بعد تشاور وتوافر المعطيات ــ اتخذ قرار التعجيل بتلقيح الشعب المغربي كأولوية، في حين بقيت دول لا قبل للمغرب بإمكاناتها المالية أسيرة الحيرة والتردد.

وسجل محمد السادس أيضا هدفا في مرمى التاريخ ستقف عنده الأجيال المقبلة.

وإلى جانب امتحان الوباء، تصر هذه السنة الغريبة على مزيد امتحانات لوريث الحسن الثاني، وما أن مرت ذكرى المسيرة الخضراء بخطابها الواضح حتى دقت ساعة الكركرات.

وهنا، ورغم الظرف الوطني العسير كان لزاما على الملك أن يقوم وبسرعة بما يقتضيه الواجب وتحتمه المسؤولية: خطة عسكرية فعالة وعملية نظيفة طهرت المعبر من أدران البلطجة وقطع الطريق. واللافت أن العملية لم تقف عند إجراءات على الأرض بل عجلت بقطف الثمرات السياسية والدبلوماسية عبر الدعم العربي والقاري والدولي للمغرب والذي كرس عزلة الجزائر بشكل لم يسبق له مثيل.

والمثير أن عملية الكركرات وضعت الجميع أمام الأمر الواقع: إما مع المغرب عمليا أو ضده، ولم يعد الصمت يعني غير التواطؤ المفضوح.

وأمام هذه الحقيقة خرج المترددون من حالتهم المرفوضة وتم الفرز تحت شمس الصحراء الحارقة.

ولم يكن في ما أقدم عليه الملك تفعيل لصلاحياته السياسية كرئيس دولة بل أجرأة لأدوار إمارة المؤمنين التي باسمها أعطيت الأوامر لتشييد جامع عظيم بتلك البقاع وهو ما يجسد المفهوم الحقيقي للإعمار الإسلامي للأرض.

ولمن لم يلتقط الرسالة في كليتها فجامع محمد السادس بالكركرات ليس مكان عبادة عادي بل وصلة ربط روحي بين الأفارقة المسلمين والمغرب الأقصى، مهوى روحهم وعقيدتهم ومذهبهم.

www.achawari.com

 

 

 

 

 

 

 

 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد