الشوارع
كعادته في التفاعل الرصين مع الأحداث الكبيرة،وبعد أن أخذ مسافة مع الانتماء الحزبي و التخندق التنظيمي الضيف، وقبيل الاحتفال بالذكرى الـ20 لوصول الملك محمد السادس إلى العرش، غرد المفكر الدكتور امحمد لقماني بتدوينة فيسبوكية استخدم فيها أسلوبه الكثيف كالمعتاد. إليكم نص التدوينة، فما رأيكم؟
“مضت عشرون سنة من زمن العهد الجديد، و قد آن لنا الأوان ربما أن ننظر في المرآة العاكسة لتفقد الحصيلة و تقييم النتائج و الآثار، لعلنا نظفر بدروس تسعفنا في مجابهة تحديات العشرين سنة المقبلة.
من كان طفلا رضيعا سنة 1999, أصبح اليوم شابا يافعا في العشرين ، يجسد جيلا بكامله ، يفكر بطريقة خاصة و له مزاج مختلف عن سابقه. إنه جيل الثورة الرقمية و المتمرد على موارد المشروعيات القديمة للدولة و المجتمع على السواء.
و الحالة هذه، هل نفكر في سنة 2040 بمنطق التراكم أم بلغة القطيعة ؟ قد نتحكم في الجواب الآن، لكن لن نستطيع التنبؤ بالمآلات، لأننا في زمن اللايقين. و مع ذلك علينا أن نؤسس للأجوبة الاستشرافية حول السؤال التنموي في المغرب و مدى قدرة هذا الجيل ( و ذاك الذي يليه) على أن يحملا على أكتافهما ثقل المسؤولية في بناء الحضارة و صناعة التقدم و كتابة التاريخ
يبقى المطلوب منا اليوم أن نجتهد في تقديم العناصر الأولية للأجوبة المستقبلية. و في تقديري أن التحكم في مستقبلنا يبدأ بضبط العلاقة بين الاقتصاد و السياسة: الاقتصاد بما هو مجال الإنتاج، و السياسة هو مجال إدارة الدولة. أما الاختلال في العلاقة بين المجالين، فهي عينها أساس المشكلة.
صحيح أن المغرب حقق طفرة اقتصادية ملحوظة، لكن تدبيرها سياسيا كان غير متحكما فيه كفاية من طرف الدولة، و معلوم أن هذه الأخيرة هي راعية المصلحة العامة دون سواها(…).
هل سنستمر في هذا النهج خلال العشرين سنة المقبلة ؟ مستحيل طبعا. لذلك، فأي نموذج تنموي للمرحلة المقبلة، عليه أن يستحضر إشكالية النخب الحاكمة، في السياسة و الإدارة و الإقتصاد.
هناك ثلاث نخب تتحكم في مسارات أي نموذج تنموي : نخب تفكر، نخب تقرر، و نخب تدبر. أما الذي يضبط ايقاع العلاقة بين هذه النخب الثلاث، فهو ناظم المسؤولية و الوطنية الحقة، لأن غياب ذلك قد يأتي بالانكماش و الخسارة على النموذج برمته، و هذا عين ما حصل و يحصل في المغرب.
يعني ذلك أن استمرار بعض النخب الحالية في تحمل المسؤولية العمومية، سيكون كارثيا على المغرب في العشرين سنة المقبلة.
بمعنى آخر، فالدورة السياسية المقبلة عليها أن تكون مؤسسة على شرعيات ومشروعيات جديدة للدولة…
“(يتبع)
www.achawari.com