أحمد الجلالي
يرهقني كثيرا جهابذة الشفوي في بلادنا، من أمثال عبد الصمد بنشريف، الصحفي السابق بالقناة الثانية المحتضرة لولا سيرومات الدولة المتكررة بلا حسيب ولا رقيب. فقد خرج بنشريف الذي كان أولى له أن يقدم الحساب عما فعله وما “حققه” في القناة الخامسة المدعوة “المغربية”، بدلا من كتابة مقالة من الصعب أن يصدقها حتى كاتبها، بله جمهور المتلقين المغاربة، وما أصعبه وما أذكاه من متلق.
بنشريف بدأ مقالته بـ “يجمع العديد من المراقبين والفاعلين”، فهل أقام لهم استفتاء أم استطلاعا أم طرق أبواب بيوتهم منزلا تلو الآخر كي يعرف أنهم أجمعوا؟
ولكي يجعلنا نغلق أفواهنا ونشد ألسنتنا فقد صفعنا بأن ” قرار الملك الراحل الحسن الثاني بإطلاق القناة الثانية عام 1989، كان يدل على رؤية سياسية استباقية …”، مستدعيا صولة المرحوم، مستقويا بها على رأي عام مغربي شاب لم يعش زمن الحسن الثاني ولا استعداد عنده حتى لسماع قصصنا نحن أبناء تلك المرحلة.
وقد راح بنشريف بعيدا حين رأى أن مشروع ذوزيم “جاء في سياق التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي بات يعيشها المغرب منذ 1989، وفي خضم المتغيرات الدولية المتسارعة التي تميزت ببدء انهيار المعسكر الاشتراكي، ليأذن بنهاية الحرب الباردة…”.
ولم يبق لهذا الذي قلما رأيت مثيلا له في “الإطنابولوجيا” إلا أن يجعل هذه القناة العادية في معايير الإعلام المتلفز، لم يبق له سوى أن يجعلها طرفا في حرب النجوم وندا أمام سياسية “البريسترويكا” على عهد ميخائيل جورباتوشف. أسي شريف راه غير بولا ثانية شعلوها من بعد ما كانت عندنا “لامبة” وحيدة سميتها “إتم” وصافي.
وطبعا بعد أن أزلنا أطنانا من الحشو بمقال بنشريف وصلنا إلى ما يريد قوله، وهنأنا أنفسنا على ذلك:”وارتباطا بالتحولات المتسارعة التي تخترق المجتمع المغربي بكل مكوناته ونخبه ووعي هذا المجتمع بأهمية وحتمية إعلام مواطن ومهني، تطرح ضرورة وملحاحية إنقاذ القناة الثانية لتستجيب رسالتها للتطور السياسي والديمقراطي الذي يعرفه المغرب، ولتواصل هذه القناة أداء رسالتها”. آش بان ليكم؟
بنشريف يرى أن لدوزيم رسالة، فهي ” نبي ورسول” الإعلام المغربي المعاصر يا سادة، ومن ثمة فأمر استمرار هذه الرسالة دونه حياة ورقاب العباد من دافعي الضرائب..يا سلام. بنشريف، بكم أنت مستعد أن تدفع من جيبك وأجرتك وامتيازاتك من أجل ألا تموت مشوقتك دوزيم أم تغرق؟
فهي ــ عاود نزيدكم ــ “رأسمالا ومكسبا إعلاميا وطنيا ينبغي تثمينه وترصيده،لا أن ننظر إليه على أنه عبء، بل يجب أن نتعامل معه كمصدر افتخار واعتزاز لأن ما راكمته قناة دوزيم على امتداد ثلاثة عقود من الصعب الدوس عليه والتنكر له”.
سمعا وطاعة يا ابن الشريف، لأنك ساليت معايا فعلا بمصطلح ” ترصيده”. بالله ماذا تقرأ وأي كتب تطالع؟
ومن شدة تفرد مطالعات مدير “المغربية” فقد أضاف “فطالما ابتهج المغاربة بهذه القناة وافتخروا بها لأنها ساهمت في ترسيخ ثقافة الاختلاف وإرساء دعائم الحوار السياسي المتحضر…”
يعني، حسب فهمنا نحن الذين لا نقرأ ما ينهل منه بنشريف، لولا الدوزيام هذه لبقي المغاربة جهلة أميين حفاة عراة بمبعدة عن مستوى التحضر الذي بلغوه بفضها. وطبعا، ليس من الوارد أن يشير صاحبنا إلى غير “ابتهاج” المغاربة بهذه القناة، فهي مصنع الفرجة والفرح وهي المعلم المبشر بقيم الحداثة والعلم والتحضر و”التخفف” من الثياب ذكرانا وإناثا.
و كي يصل بنا إلى “تمام التمام” أنحى بنشريف باللائمة على نخب المغرب لأنه “على هذه النخب ألا تكون جاحدة وأن تتذكر الدور الذي لعبته دوزيم للتعريف بها، وعليها أن تكون في طليعة المدافعين عن إنقاذ هذا المشروع الإعلامي”، فإن لم يحصل هذا ستكون نخبنا في عداد الأبناء العاقين والعياذ بالله، لأن “إخراج القناة الثانية من الوضعية التي انزلقت إليها عملية مستعجلة لا تحتمل التأجيل، ومهمة مشتركة بين كل المؤسسات والمتدخلين والفاعلين”.
إنها والله يا شريفا ابن شريف لمهمة وطنية كبيرة يقع حملها على عاتق الأمة بأكملها، وإلا بطل ديننا ودنيانا…أي والله يا صمدوف شريفونسكي.
ولمن يجهل عظمة بن شريف وتاريخه التليد في المقاومة والتحرر، روى أنه “في 3 دجنبر1998 ذات خميس، وأنا أ خطو في اتجاه استوديو الأخبار، بعد وقفة احتجاجية حمل خلالها نساء ورجال دوزيم الشارة الحمراء ورددوا شعارات مختلفة لإبلاغ رسائل عديدة إلى المسؤولين في أعقاب تفويت القناة إلى الدولة..”.
فقد بلغ، يضيف بنشريف، “الضغط النفسي درجة عالية، لأن الإدارة نزلت بكل ثقلها، وحضر كثير من المسؤولين إلى استوديو الأخبار للحيلولة دون أن أحمل الشارة خلال تقديم نشرة الظهيرة.”.
يا للهول، يا إلهي الطف ببطلنا المغوار وقه شر هذه الإدارة واجعل آخر ايامها أن يتولاها رجل يكون سليما معافى شيخا وقورا.
و نهاية الدراما في مسلسل جديد أنا من كتب له السيناريو والقصة وربما سأمثل فيه دور البطولة وعنونته بـ” وادي عود الثقاب ” في النهاية يا سادة يا كرام فقد كان بنشريف “مدعوما بعدد من الزملاء والنقابيين، تمسكت بقرار حمل الشارة،لأنه كان قرارا جماعيا وكان يعبر عن قناعة جيل بأكمله”.
نعم ذلك الجيل أنت خير عناوينه على الإطلاق فأنتم جيل الشارة، والقدرة على التقاط الإشارة في فهم الرباط والبيضاء و الغرب والحوز وبني مسارة.
في الختام لدينا ملاحظات وبمخنا مزيد تساؤلات:
ــ أين وصل مشروع تطوير قناة ” المغربية” التي وعدت أن تجعلها إخبارية دولية؟
ــ من أين تستقي هذه القدرة وهذا الإصرار الغريب في كل مرة أن تكتب “أشياء” ما أنزل الله بها من سلطان”
ــ لماذا أنت مصر دوما على أن تقول كثيرا من الكلام الساكت و الكتابة الصفراء الباهتة؟..عيب يا ولا عيب…
ــ هل اشتقت إلى الشاشة و فتح اليدين باستمرار ثم قبضهما في حركة آلية قبل أن تطرح أسئلة هي حتما أطول من مقدمة أتخن برامج الدنيا؟
ــ المنزلق الذي وصلت إليه دوزيم يعني فلوسها لي ضربها لخلا في نظرك شكون السبب؟ فين مشاو فلوس القناة أعبد الصمد؟ يا الله اشرب حليب الأسود ودبج مقالا تاريخيا أقوى من جرأته في حمل الشارة، اكشف فيه المستور، وما على “الشوارع” سوى النشر والترويج.
ــ إننا لا نسعد بـ “فاييط” اي شركة ببلادنا ولا نطرب بعطالة الزملاء العاملين بها، لكن بصدق يا عبد الصمد، نعتقد أن المغرب بلا دوزيم مفلسة مكلفة للشعب..سيكون أحلى.ألا تشاطرني الرأي؟
ليس مهما أن نتفق، الأهم عندما تكتب مستقبلا فكر جيدا وتدبر الأمر ثم “رصي راسك” معايا مزيان عفاك.