شريط البوليسي القاتل..والحاجة إلى مغرب الـ Big Brother

الشوارع/المحرر

 قلب شريط الفيديو المتعلق بالشرطي الذي ظهر وهو يطلق الرصاص بالبيضاء على مواطنة وهي طريحة أرضا، الذي شاهده ملايين المغاربة على شبكات التواصل الاجتماعي، قلب مسار القضية رأسا على عقب. 

وقبل الدخول في أية تفاصيل أو إصدار أحكام صارت من تخصص القضاء وحده بشأن ما أقدم عليه الشرطي، يجب أن نعترف أن التكنلوجيا في حال حسن استخدامها، ستقربنا إلى الحقيقة أحسن من أيه حقبة عشناها أو سمعنا به.

الوثيقة المصورة هي الشاهد وهي المستند الذي يخرس الألسن ويختصر المسافات نحو تحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات.

 ويلاحظ أن الإدارة العامة للأمن الوطني كانت أصدرت بلاغا في إطار ما دأبت عليه من تواصل، ذهبت فيه إلى أن الأمر يتعلق بدفاع عن النفس، ولكن سرعان ما تراجعت عن الأمر أمام هذه الوثيقة المصورة، وصدر أمر بتوقيف مفتش الشرطة وإحالته إلى القضاء ليقول كلمته فيه.

إن في الوثيقبة الفيديو ما يجعل الإدارة والقضاء يسيران في الطريق الصحيح، ويصدران القرارات المنصفة والعادلة، وبضمير مرتاح، والفضل في كل هذا يعود إلى التكنلوجيا، تقنية “البيغ براذر”/الأخ الأكبر، والتي صدرها المجتمع البريطاني إلى بقية العالم، عبر زرع ملايين الكاميرات في كل شارع وحارة وزقاق.

والبرغم مما قيل وسيقال عن كون هذه التقنية/الأسلوب تحول البلد إلى دولة بوليسية فإن الوضع الراهن للمغرب، والانفلات الأمني في كثير من الأحياء والنقط السوداء..وفي الأسواق وغيرها يحتم استثمارا ضخما في هذا الباب.

وفضلا عن أن “البيغ براذر” تجعل المجال تحت الأضواء الكاشفة وتحت السيطرة ولو بعديا، فإنها تجعل المجرم يتردد ألف مرة قبل أن يقدم على الخطف أو الضرب أو النشل أو الضرب..كما أنها تجعل الموظف والمسؤول والأمني تحت عين الرقيب فكل شيء مسجل وكل شيء معرض للمشاهدة.

بدءا، هذا الحادث المروع المؤشر إلى خلل خطير في بنية المجتمع المغربي آخذ في التشكل ما لم يتم تداركه بالحكمة والردع، يجب أن ينال فيه القاتل ما يستحق، فأرواح المغاربة وكل البشر أغلى ما على الدنيا وما فيها.فلا مجاملة في أرواح الناس ولا أعراضهم ولا أرزاقهم.

ثانيا، إن هذا الحادث البشع المرفوض قانونيا وأخلاقيا ودينيا وإنسانيا..لا يجب أن يكون مدعاة لحرف الرأي العام إلى نسف التراكم الأمني الإيجابي الذي تحقق في السنوات الأخيرة ولو نسبيا، أو تأليب الناس على مسؤولين بعينهم يشهد لهم المغاربة أنفسهم بالقتالية في ترسيخ الحكامة الأمنية.

ثالثا، هذه الواقعة البشعة ــ رغم أنها مقززة فعلا ــ يجب أن تتحول إلى وقفة عاقلة صريحة عموديا وأفقيا لتصويب البوصلة نحو مستقبل يتحقق فيه التالي:

ــ تكوين الكادر البشري الأمني قانونيا وبدنيا ونفسيا وذهنيا

ــ  ضمان استعمال إيجابي ومنتج للسلاح الوظيفي بحيث تحفظ الأرواح

ــ تعزيز الأمن عدة وعددا بحيث تصير مكافحتهم لأوكار الجريمة مقدورا عليها

ــ إشباع العناصر الأمنية بمزيد من ثقافة حقوق الإنسان بحيث يتحركون باحترافية في كل الأحوال

ــ تشريع القوانين العادلة الناضجة، والتي لا تجعل يد الأمني مغلولة فيعجزعن استخدام سلاحه خوفا من قانون مفتوح على التأويل، ولا هي مبسوطة تماما بحيث يصبح إطلاق الرصاص عنده كلعب طفل بمسدس/رشاش ماء، في موسم عاشوراء.

 ــ العمل على تعميق مزيد من المصالحة بين الشعب والسلطة،وليس الأمن فقط، فما البوليس سوى لون من ألوان السلطة..يجب أن نصل إلى مرحلة ينتهي فيها كليا أي توجس عند رؤية كل صاحب “كاسكيطة”..الغرب يعيش هذه الحالة في أبعد حدودها..الحلم الطبيعي ليس حراما بل هو واجب قبل أن يتحول إلى واقع..بالعمل وليس بأحلام اليقظة ولا الهلوسات.

 www.achawari.com

 

 

 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد