الشوارع
ما أن تنفست مدينة القنيطرة الصعداء بعد شهور طويلة من الحجر الصحي وبدأت الحياة تدب مرة أخرى في شرايين عاصمة الغرب حتى ساء الوضع الوبائي مجددا وارتفعت حصيلة الإصابات المؤكدة بكوفيد الملعون.
أمام هذا الوضع لم يكن من بد أمام السلطات سوى العودة للطريقة الأنجع والمتاحة ألا وهي الحجر الصحي ولمدة أسبوع قد يتجدد أو لا يتجدد وفق المستجدات.
وانطلاق من أمس الأحد فرض الحجر على المدينة، مع ما في ذلك من تأثير على الاقتصاد والتنقل والدراسة والحياة عموما. لكن لسان حال المسؤولين يقول إن إخوانكم مكرهون وليسوا أبطالا في كل هذا الذي أجبرنا عليه.
وفي القنيطرة كما في البيضاء ومراكش وغيرها من مدن المملكة حيث عاد الوباء في ما يشبه موجة ثانية أعنف، اكتسبت السلطات وكل المتدخلين تجربة في التعامل مع الوضع الاستثنائي، بعيدا عن تعثرات ودهشة بداية الجائحة، وتعرف القنيطرة تنسيقا فعالا بين الأجهزة الأمنية وسلطات العمالة لإيجاد الحلول السريعة والعقلانية لمختلف الإشكالات المطروحة.
ولقد أفرغ المغاربة ــ ومعهم سكان القنيطرة ــ ما بجعبتهم من النقد والتعبير، وهذا حقهم الدستوري والإنساني كمواطنين متفاعلين لهم حقوق وعليهم واجبات، شأنهم شأن السلطات التي تحملت الكثيرة وأصابت ثم أخطأت ثم صححت، لكن الواقع العنيد لا يرتفع ولا بد من تجرع الدواء المرة في صيغة إجراءات احترازية لاحتواء وضع بات يتحدى أقوى البلدان.
ولم يعد خافيا ولا سرا أن المواطنين يطالبون بإغلاق وحدات صناعية إنتاجية بعينها لأنها بؤر الوباء، وهم في ذلك محقون نظريا وغير محقين تماما من ناحية الوضع الاقتصادي الذي لا ينبغي أن يصل إلى أي نوع من أنواع السكتة.
وفي هذا الصدد يقول مطلع على الوضع المحلي لـ”الشوارع” إن للمغرب كوجهة للاستثمارات التزامات تجاه أطراف خارجية ولا يمكن بأي حال التأخر في تسليم الطلبيات، مع ما قد يرافق هذا الاحتمال من غرامات ثقيلة فضلا عن الإضرار بصورة المملكة التي كسبت رهان ثقة المستثمر الأجنبي.
وتوجد سلطات القنيطرة، يقول مصدر مطلع على الشأن المحلي للشوارع، بين خيارات، وعليها في النهاية التوفيق بين سلامة المواطنين الذين لا يتوفرون على كل المعطيات وخلفيات القرارات المتخذة، وسلامة الاقتصاد الوطني الذي لا بد أن يظل واقفا على رجليه في أفق تعافي الاقتصاد العالمي المتشابك من حيث المصالح والتأثير والتأثر.