ديموقراطية سيدي قاسم الانتخابي..وأسباب تعصبي لـ”لقليمية”

 أحمد الجـــــلالي

إبداعات الكائن السياسي المغربي المغرمة في العجائبية الغرائبية مازال في جعبتها الكثير وكأنها ساحر ماهر لن يكف عن إخراج الحمام وكائنات أخرى من ثنايا منديله الخرافي.

ومن “التوافق” مروروا بالديمقراطية الحسنية التي ابتكرها با احنيني، و “التناوب” على رأي جماعة الراحل اليوسفي، و “المقاربة التشاركية” على عهد بنكيران..رست يد الحاوي/الساحر على “سيدي قاسم”.

ورغم أن الحديث في عمق المسألة، بعيدا عن الفذلكات الحزبية، سينتهي بمن بمتلم نص لب فقط إلى استخلاص أن الأمر كله لا يعدو أن يكون قالبا جديدا يشرعن لمبدأ “سيدي قاسم” المعمول به في المغرب ولكن الاختلاف هذه المرة يمكن في شيء وحيد وهو كونه “بزز منكم”.

فسيدي قاسم الذي تتهيأ طنجرة مطبخ الانتخابات لهيه قبل أن يشرع الطبالون وأهل الغيطة في تصديعنا مجددا ببراحيهم وتلويث شوارعنا المتسخة أصلا بأوراق دعاياتهم الفجة، ليس سوى “راشطاج” للراسبين وتقليما لأظافر من ظنوا أنهم “مكن الله لهم في الأرض”.

غير أني ــ والحق يقال ـ سعدت هذه المرة بأن نحتوا من المفهوم الجديد هذا من اسم “لقليمية” التي أنتمي إليها ترابيا: سيدي قاسم.

وسواء سموه سيدي قاسم زين لمواسم أو سيدي قاسم بوعسرية ــ ربما لميولاته اليساريةــ أو سيدي قاسم “باتيجا” فالأمر يبقى عندي سيان. المكان هو المكان والانتماء ثابت.

ولأني أنتمي بالولادة إلى نقطة على جبين الوطن هي أقرب إلى “اقليمية” القنيطرة/لقصيبية/حلالة وكانت ضمنها، وبعدها صارت آخر نقطة في المجال الترابي لإقليم سيدي قاسم فقد ظل ولائي المحلي مشطورا بين الإثنين.

الغرب عندي، رغم الدماء الفيلالية الموروثة، هو مسقط الرأس ومهوى الروح: من نقطة ازريويطة، تيمنا باسم معمر جدي سلام من كناه باتجاه القنيطرة وحتى ثخوم الكاموني، ومنها إلى سيدي يحيى الغرب سيدي سليمان وعرج منها إلى بلقصيري وتقف بأربعاء الغرب وثلاثائه، ولا تنس مولاي بوسلهام ومرجته الزرقاء، ثم عد أدراجك إلى حد كورت ومر بجرف الملح ولا تنس لي اخنيشات ومن هناك إلى سيدي قاسم.

ولا جدال أن الغرب هو أخصب منطقة بالمغرب نظرا لطبيعة التربة ووجود النهرين العظيمين سبو وبهت بما لهما من مدلول الخير والحياة. ولا شك أن الاعتناء بهذا المجال لو تم كما ينبغي ومنذ رحيل الاحتلال الفرنسي لكان الغرب وحده قادرا على تغذية الوطن شرقا وشمالا جنوبا.

لكن الذي منع حصول معجزة تنموية متاحة إلى أبعد حد هو “سيدي قاسم”، ليس سيدي قاسم حيث مقر العمالة معاذ الله بل “سيدي قاسم” القائم مذ وعينا السياسة على “هاك وارا” هو من حال دون أن يتنفس المواطنون الهواء النقي المكون من جزيئات الأمل والوضوح والمعقول، بعيدا عن نتانة  الإقطاع والخواض والفساد والإفساد.

أعود إلى سيدي قاسم التي تربطني بها وشائج لا أخفيها. وقد يستغرب بعضكم أنها مصنفة عندي كأحسن مدينة بالمغرب:الهواء فيها جيد بل أين منه هواء مراكش، وأهلها رغم الفقر والقهر والجفاف التجفيف بطعم “الرايب البلدي” الصحي الأصيل..ولن أتحدث عن مائها لأنه لا يملك من صفات الماء الصالح للشرب إلا اللون ربما، برغم قرب المدينة من عين صدين العذبة.

ولأني مغرم بسحر هذه المدينة التي يعتبرها كثيرون رمزا للحر والقر، فقط أصررت أن “أقطن” بها سابقا قرابة سنة وانتقلت منها لظروف كانت تقتضي وجودي بالرباط. غير أني كلما اصابني القرف رحت إلى سيدي قاسم التي صار لي بها أحبه وأصدقاء.

إن سيدي قاسم ليست مجرد مكان ومحطة قطار للعابرين بل هي تاريخ وجغرافيا ورجال ونساء من طراز خاص. ولو أنها خذلها دوما “سيدي قاسم السياسوي/الحزبوي/ الانتخابوي” لكانت حاضرة بمعنى الحضارة والحضور معا. ودليل إهمالها بطريقة مقرفة أنها كان عليها أن تنتظر إلى نهاية العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين لتسمع القوم يتحدثون عن “نواة جامعية”.

أنا حزين ــ والحق يقال دوما ــ لأنهم عندما توقفوا بقاموس التخرميز أخيرا لم يجدوا غير كلمة “قاسم” ليربطوه مستقبلا بالمدينة لقليمية التي تعنيني ثقافيا وانتماء جغرافيا وإداريا.

سأتحدث نيابة عن “سيدي قاسمي أنا” لأقول للمخربقين الجدد: إليكم عن اسم مدينتي، فأرض اللغة واسعة كأرض الله التي ضيقتموها علينا.

إلى أدعياء الإسلام السياسي وأوصياء اليمين بلا مذاق و أوصياء اليسار وكسلائه ومحتاليه ممن وورثوا تضحيات دماء أبنائه الحقيقيين وصيروها أصولا تجارية لابد من هذه الجملة: شرع الله معاكم حيدوا من تم.

مسك الختام شعبي يمتح من ثقافة شعبي: العار اعليك أبوعسرية.

WWW.ACHAWARI.COM

 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد