أحمد التجاني
لماذا نتهرب من الحقيقة؟
الشعب عموما يعيش وضعا مزريا والمنظومة عموما متحكم فيها عبر الداعم الأكبر الذي يملي التعليمات على الدول، لا تتيح العمل العمودي وسيبقى الشق الاجتماعي يعاني وتتسع الهوة أكثر فأكثر لتدخل الطبقة المتوسطة برمتها تحت عتبة الفقر.
الإحصائيات لا تكذب، وهذا مقصود من الجهة الداعمة لكن من يطبقون بيننا التعليمات لا يهمهم الأمر ما دامت مصالحهم “مقضية” وسط النجاح “للأسف” الأفقي لمشاريع الدولة، المستثمر داخلها محظوظ والباقي ما زاااال فين يشوف المعاناة ديال بصح.. هذا أضحى كقدر يحكمه توجه عالمي.. ولماذا قلت إن المنفذين داخليا “مسلكهم” الأمر.. الإجابة عند الانتخابات الأخيرة.. تداخل الفاعل الاقتصادي بالسياسي والأمور “مقضية”..
أما الديربي والفوضى والكووورة فهي متنفس ضيق لمزيد من الاستسلام، حتى نسب ونلعن بعضنا “على قلة الترابي.. والأمن خاصو يضرب بيد من حديد.. والله يعز لحكام وفين يامات البصري…”.
للأسف، أنا نفسي أنجر أحيانا وراء هذا القاموس، ولكن الحقيقة دائما وأبدا ذات أبعاد أكبر من الأحداث…أتمنى أن تمنع الكرة بالبلاد على الأقل لسنة حتى يعود الشعب للأولويات قبل فوات الأوان.
وللاستدلال على ما أسلفت، تكفي العودة لمجموعة من الإنتاجات لمفكرين أحاطوا واستنبطوا واستشرفوا وتوقعوا ما يجري اليوم منذ زمن، وأنصح بقراءة في كتاب “الإغتيال الإقتصادي للأمم” لجون بيركينز John Perkins ففي سنة 2004 وصلت مديونية العالم الثالث 2,5 تريليون دولار، أما خدمة هذه الديون وصلت 375 مليار دولار سنويا.
هذا الرقم يفوق ما تنفقه كل دول العالم الثالث على قطاعات كالصحة والتعليم!! ويمثل نفس الرقم أي 375 مليار دولار ضعف 20 مرة ما تقدمه الدول المتقدمة سنويا من مساعدات خارجية!! قمة العبث والتخبط وسوء التدبير بالنسبة للدول المقترضة، وقمة الوحشية والخبث المفروض قصرا من الدول المانحة على نظيراتها المستضعفة.
الدراسات التي تحدد قيمة القرض وتوعية الإصلاحات بالبلد المقترض يحددها خبراء محنكون، لكن هذه الدراسات وخبرة صائغيها لا تذهب لما فيه صالح المدينين، حتى وإن بدا ظاهريا وإحصائيا ورقميا تقدما اقتصاديا.
في الحقيقة هو يخدم فقط نخبة ضيقة يتم إعدادها بعناية ويتم تمكينها من النفوذ الاقتصادي والسياسي الذي يجعلها معتنقة كليا لنفس أفكار ومبادئ وأهداف النخبة الأمريكية، ما يضمن تبعيتها المطلقة.
وتبقى الضحية الكبرى لهذه اللعبة المدروسة بعناية هو الشريحة الأكبر والأعظم، شريحة الفقراء والطبقة المتوسطة التي تحرم من التنمية والخدمات الاجتماعية لعقود عديدة.