Cry not my beloved country the French nightmare has gone

 أحمد الـجــَـلالي

مثلما حرم المنتخب المغربي لكرة القدم في كأس العالم الأخيرة من لعب مباراة النهائي، وربما الظفر بالكأس نفسها، بتلك الطريقة الفرنسية الخبيثة بما فيها دخول ماقرون الى المراحيض خلف افراد النخبة الوطنية، جاء الدور على “لبؤات الاطلس” فتم اقصاؤهن على يد الفريق النسوي الفرنسي الهجين.

وهكذا يبدو بوضوح ان العائق الذي يقف امام تحقيق المغرب للمعجزات الرياضية هو عائق افرنجي صرف. لا نقول ان الفريق النسائي المغربي اقوى من يشارك في هذا المونديال، انما نضع خطا تحت السبب/العامل: فرنسا العائق.

وفرنسا ليس عائقا للرياضة المغربية فقط،وليث الامر توقف هنا وفقط، بل فرنسا وعلى مدى قرابة قرن من الزمن هي كابحة كل طموحاتنا المغربية المشروعة.

كنا بداية القرن العشرين سنتطور بطريقة طبيعية كشعب امازيغي حر لولا الاحتلال الفرنسي الذي فرض على بنيات الشعب المغربي تحولا قسريا هدم دعائم الهوية والاستقرار.

لم تكتف فرنسا بسرقة خيرات بلد افريقي اسمه “المملكة الشريفة” بل عاتت فسادا في عقول وارواح المغاربة بأن فرضت عليهم ثقافتها وأكرهتهم على التعايش المستحيل مع الازدواجية في اللسان والسلوك والقيم وأنماط التفكير.

وامعانا في دعم تريكتها ببلادنا زادت فرنسا الى فئة المحميين امنيا واقتصاديا طبقة من “ثمارها المفرنسة” من نسل المتعاونين مع الاحتلال البغيض، وفرضتهم في مواقع المسؤولية: فاللغة فرنسية والإدارة مفرنسة والاولوية في الوظائف لمن يرطن أحسن بلغة الفرنصيص.

ولأننا نلنا الاستقلال منقوصا في الجغرافيا والقرار الوطني فقد بقينا رهينة لدى دولة وراء البحر تحتلنا في لقمة عيشنا وحلمنا بقفازات محلية ناعمة.

وفيما كان العالم يشهد تحولات في العمق بحيث تغيرت لغاته ومعاييره بقينا مطموسي الاعين لا نرى ــ مجبرين ــ سوى من ثقب منظار فرنسا، ولا نسمع الدنيا من غير مسمع باريس..بل حتى “الخارج” ظل في العقل الباطن للمغاربة يعني “فرانص”.

 اما التنمية الاقتصادية لبلادنا من تربية المواشي الى تربية الكلاب، ومن المخططات التنموية إلى التخطيط على ورق تافه بقلم رصاص فقد ظلت حبيسة سياسة فرنسا المفروضة علينا سواء في نمط الاستهلاك او نمط الإنتاج.

فالطبيب والمهندس الزراعي ورجل السلطة والأستاذ الجامعي والسياسي ورجل الاقتصاد..كلهم مفرنسون إلى النخاع حد القرف. فكيف يمكن ان يفكروا ويعملوا من خلال واقع مغربي بخصوصياته؟ وأنى لهم ان يفهموا متطلبات وتركيبة الانسان المغربي وهم لا يتحدثون حتى لغته؟

كانت الخطة الفرنسية وما تزال ان تُبقينا غرباء في وطنا عن بعضنا. ولقد نجحت في هذا إلى حدود الخيال، ولقد صدقت “ناس الغيوان” حينما صدحت بتلك الصرخة المدوية في زمن الصمت العظيم ذاك: واش حنا هوما حنا؟

وإلى حدود بداية القرن الحالي ومعه الألفية الثالثة كانت نخبنا ما تزال تغط في “الحلم الفرنسي” فباريس هي مهوى الروح والجسد حين يمرض، وفرنسا هي قبلة “الحداثيين بالمقلوب”..و “الخاريج/فرنسا” هو المستقبل.

وبينما نحن كشعب غارق في الكابوس الفرنسي الأبدي كان قطار العالم يهرب عن فرنسا وعن أروبا كلها علميا واقتصاديا وثقافيا..نحن فقط من بقينا حيت وضعنا المحتل الفرنسي..أوفياء لتعاليم أحفاء ليوطي و من يحنون دوما لحماية الغريب.

وقد أحيانا الله حتى تفرجنا على فرنسا وهي تتلقى اللطمات على الوجه والخيشوم في غرب أفريقيا التي تعيش حاليا صحوة غير مسبوقة لطرد المحتلين الذين يمصون خيرات بلدانها بدماء شيبها وشبابها كعمال عبيد بنسخة منقحة في الشكل فقط.

وفي الدرس النيجري الحالي، وقبله مالي وبوركينافاسو عبرة لمن يريد أن يعتبر ويعتذر لنفسه وللآخرين من خطيئة التبعية لفرنسا. فهاهي الأجواء فوق الجزائر توصد أمام الطيران الفرنسي، وهاهي مالي وبوركينافاسو يطلقون “لا كبيرة” لعلعت في سماء أفريقيا كلها في وجه الغزاة..وهاهي أمريكا تقول للديك الفرنسي توقف أو سوف تذبح على يد المجالس العسكرية في غرب افريقيا، وهاهي واشنطن تتسرب تحت جنح الظلام إلى خيمة العساكر في نيامي للتفاوض آملا في الإبقاء على بعض مصالحها؟

نحن في المغرب، وفي شمال أفريقيا، أولى بنفض الغبار الفرنسي عن أعيننا. نحن في هذا الوطن الأقرب والأقدر على إتمام التحرر التاريخي من بقايا النجاسات الفرنسية كلها والعودة إلى ذاتنا الأصيلة الغنية بتنوعها المحلي غير الدخيل.

ولكن التحرر من فرنسا ومن غيرها من الأغراب رهين بشروط حضارية بوابتها ومداخلها لابد أن تمر بقرارات سياسية استراتيجية، ومنها:

ــ كنس لغة المستعمر من حياتنا سواء في الإدارات أو الجامعات مع خفض معاملاتها بين مواد المقررات المدرسية إلى 0.5 أي نصف معامل، إمعانا في ازدرائها في أفق حذفها لصالح لغات حية منها الصينية والانجليزية؟

ــ منع أبنائنا من خريجي المدارس العليا من الذهاب لفرنسا وتوجيههم للدراسة، على نفقة الدولة المغربية، بالصين واليابان وكوريا الجنوبية وألمانيا وكندا.

ــ سحب كل الامتيازات التي تتمتع بها الشركات الفرنسية بالمغرب وإعادة النظر في الشراكة الاقتصادية التي ظل المحتل المستفيد الاستثنائي منها على مدى عقود.

ــ المنع عبر قانون يشرع لهدا الغرض كل من يحمل جنسية فرنسا أو غيرها من الاستيزار أو التمكين له من موقع في مسؤولية في كل مؤسسات البلاد. ويكون من حقه ذلك بشرط التنازل عن تلك الجنسية وإن رفض فآلاف الشباب على الباب من حملة الدكتوراه ينتظرون ربع فرصة من الدولة.

وبعد التخلص من الورم الفرنسي سيشعر جسد الوطن ببعض الحيوية الملموسة والتي ينبغي رفع منسوبها بضخ طاقات إضافية من قبيل:

ــ تعليم الناس في المدارس وعبر وسائل الإعلام وفي خطب الجمعة أن البحث العلمي عبادة لا تقل قيمة عن الصلاة والزكاة و الصيام والحج.

ــ تعليم الأطفال أن المسلم الحقيقي الذي سيذهب للجنة هو من لا يكذب ولا يغش ولا يسرق ولا يكره غيره وأن الذي يلوث البيئة ويعتدي على البشر والحيوان ويهدر المياه…..سيحاسبه الله في جهنم حسابا عسيرا.

ـــ إخبار المحسنين أن بناء المساجد مهم ولكن بما أننا لا نعاني نقصا في أماكن الصلاة فإن الواجب الديني يقتضي منهم التشمير على السواعد لبناء المستشفيات ودور رعاية الايتام.

ــ الاشتغال بشدة على تجديد مفهوم الخيانة العظمى عبر حملات إعلامية بلا هوادة تقول للناس إن من يتهاون في عمله والموظف الشبح والمرتشي والراشي والساكت عن التبليغ عن كل صنوف الفساد خائن للوطن.

بهذا…وهكذا فقط…ولا جدال..سيكون لنا موعد مع التاريخ المتسارع…وإلا فإن الزمن لن يرحمنا، هذا الزمن الذي اهدرناه طويلا والنتيجة تصنيفنا المخجل في أدنى سلاليم التنمية في العالم.

 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد