أحمد الجـَـــلالي
لأنهم استمرأوا لعبة تهييج المسلمين عاطفيا في كل مرة. ولأن للمسيئين أهدافا من بينها دعاية انتخابية وتسويق بئيس لبضاعتهم لدى الدوائر الغربية الداعمة. ولكونهم يريدون جر العرب والمسلمين ليكونوا وقودا لحرب كونية مقبلة، فقد كلفوا عبدة البقر من الهنود بكيل إساءة للنبي الأكرم عليه أزكى الصلاة والسلام.
مضمون الإسادة ليس جديدا والأسطوانة المشروخة لم تتغير، لكن المعول لديهم ــ ككل مرة ومن زمن سلمان رشدي ــ هو إخراج الشعوب المسلمة للتظاهر والتصادم بين السلطة والشعب ليتفرجوا هم ويفركون أيديهم فرحين.
ومن باب تحصيل الحاصل القول إن لا شيء هناك سيجعل الأمة الإسلامية الغائبة المغيبة تتحرك في رد فعل جماعي يؤدب الأذناب فسيكون من العبث انتظار موقف عربي/إسلامي موحد ولو من باب رفع العتب.
وإلى حدود الساعة لم يصدر أي رد فعل رسمي مزلزل على تغوط قادة الهند سياسيا وإعلاميا، اللهم موقف من طرف الرئيس المصري عبر فيه بطريقة ملفتة وسفه المس بمقدسات المسلمين بدعوى حرية التعبير المفترى عليها، واحتجاج كل من قطر والكويت لدى سفارتي الهند لديهما،فضلا عن موقف العلامة أحمد الخليلي مفتي سلطنة عمان الذي يواصل مراكمة المواقف المشرفة دون اكتراث بموقعه الرسمي.
لقد دعا الخليلي المسلمين إلى انتفاضة في وجه هذا العدوان الوقح على نبيهم. وعسى أن تفهم الجموع أن الرجل دعا إلى انتفاضة في العقل والموقف السياسي والاقتصادي الموحد وليس انتفاضات شوارع تحقق للعدو ما يصبو إليه بالضبط، سيما في ظل هذا الجو الدولي المتوتر والقابل للانفجار النووي في أية لحظة.
إن ما يجب أن يواجه به عبدة البقر وكثير من الحشرات ليست المظاهرات المليونية ولا التراشق مع قوى الأمن في كل بلد أو تمزيق أعلام الهند وصور زعمائها…هذا سيكون رد فعل عاطفي يتبعه البرودة وخفوت الصوت بعد تفريغ شحنات الغضب. والنتيجة على الأرض؟ لا شيء تقريبا.
ولكن المطلوب هذه المرة وفي كل مرة تتبعها هو التالي:
ــ الهدوء أولا والتفكير في الكيفية التي تؤدي الغرض تجعل البقريين يرعوون غصبا عنهم.
ــ تحديد الردود المناسبة بحيث تكون مؤلمة لهم وفورية المفعول وتؤدي غرض التركيع والدفع إلى الاعتذار على الأقل.
ــ التأسيس لمرحلة يكون فيها الرد على كل مسيء للإسلام ومعتد على المسلمين فوق هذا الكوكب بمثابة “باكيدج” جاهز وقابل للتطبيق مثل أي مصل أو لقاح مضاد للسموم محتفظ به لوقته.
بدل الشعارات الرنانة والصراخ في المظاهرات، وبدل بلاغات وزراء الخارجية التي لا تشفي غليلا ولا تداوي عليلا، يمكن الركون باطمئنان لبعض الإجراءات كمرحلة أولية، وهي كفيلة ببهدلة وإذلال البقر الذي يحكم مليار آدمي، ومن ذلكم:
ــ أن تعمد دول الخليج وعلى رأسها العربية السعودية على تسريح ملايين العمال الهنود أي ما يسمى “العمالة الوافدة” ولسوف ترون عمق وقوة هذه اللطمة على وجه الهند ومدى الحريق الذي ستسببه في ميزانية دولة تقتات عبر عمالها على خيرات بلاد العرب والمسلمين.
ــ تجميد كل الاتفاقات الاقتصادية والصفقات مع الهند إلى وقت غير محدد، تعبيرا عن السخط الرسمي تجاه ما حصل.
ــ مقاطعة الشعوب المسلمة لكل بضاعة هندية سواء كانت تجارية أو ثقافية إلى أجل غير مسمى، تعبيرا عن الوعي العملي من شعوب تستطيع أن تؤلم وتدمر بهدوء.
ــ استغلال إمكانات الإنترنت بمنصاته التواصلية في “وسم” بسيط ومباشر بكل لغات الدنيا والترويج له ليكون أعلى “تراند” لأطول فترة ممكنة..هكذا لتصل الرسالة إلى الهند وما وراء السند.
وبما أن الحدث وقع بشبه القارة الهندية وحيث أن البنغال جيرانهم أحببت أن أختم بما قاله الشاعر البنغالي “روبندرونات طاغور”:
“حين يغدو الإنسان حيواناً يكون عندئذ أسوأ من الحيوان”.
لكلام هذا الشاعر الإنساني الكبير أضيف: فما بالكم لو كان هذا الإنسان الذي غدا حيوانا..اتخذ الحيوان/البقر ربا له؟