أحمد الجـــــلالي
منذ وعيت أني موجود في عالم مادي محسوس، أتذكر طفولتي الأولى وكيف تشكلت لدي حساسية مفرطة مع الأصوات والمعاني والصور والدلالات.
قبل أن يلحقوني بجامع القرية لأتعلم بعض الأحر وأحفظ لاحقا قصار السور،عندي الفقيهين “سي بوغالم” و “سي العلمي”، كان سمعي توقف محتجا في صمت على تعبير “صلاعنبي”، كنت أرفض المفارقة التالية: النبي لابد أن يكون جميلا فلم جعله الخالق أصلع.
هم كانوا يقصدون الصلاة على النبي، ولكن مخارج الجمل وليس الحروف خانتهم دائما.
كنت أمارس مغامراتي الصغيرة، كأي صبي كامل “أوصاف شقاوة” أبناء السبعينيات والثمانينيات، بين نهري سبو وبهت، ولأني كنت غاويا لكل ما هو ممنوع من قبل الأهل والأقارب..كنت أسبع في أماكن خطر بسبو والوالدان رحمهما الله نيام وقت الظهيرة، أتحايل فأتنقل خلسة مع رفاقي إلى دواوير أخرى لإجراءات مقابلات في كرة القدم تحت درجات حرارة مفرطة لشهور غشت..أمتطي أي دابة يقولون إنها خطرة..أغافل الإخوة فألاعب دراجة نارية من نوع بوجو..أصطاد كل ما يتحرك أمامي بمقلاعي/الجباد الأنيق..أصنع آلات موسيقية من لاشيء كأي ساحر من زمن غابر..
كانوا يكتشفون “فعايلي” أحيانا فيكون الوعيد ومعه عبارة الختم: “بعوالله” .
و”وبعو الله” وشقيقاتها نكدن علي سعادة طفولتي فوددت تصحيح ألسنة الناس وأنا ذلك الطفل الذي لم يلتحق بعد بالقسم التحضيري.
كانوا يقصدون ” بعون الله”، ولكن كان يجب إعادة تشكيل أفواههم لينطقوها كما ينبغي.ولأن ذلك لم يحصل أبدا فقد بقيت أعاني الغثيان مع تلك الظاهرة.
الحساسية مع الكلمات كانت مدخلي الخاص للاهتمام والتفوق لاحقا في اللغات، سواء اللغة الأم أو لغات أجنبية أخرى.
لماذا أقص عليكم أسراري الطفولية هذه؟؟ فعلا نسيت..
آه، لقد ذكري بها الناطق الرسمي الجديد باسم الحكومة المعدلة جينيا، وكيف تعاطى مع الصحافيين وتهرب من أسئلتهم وأكثر من كلمة “ممكن” بلا حصر..ثم “سلت” ووعد رجال الإعلام ونساءه بأن “يستدعيهم” لاحقا.
لا صلة لي بهذا الوزير إلا كوني عانيت حساسية تجاه اسمه. ولو قدر لي أن أحضر ندوته ليوم أمس كنت سأطرح عليه سؤالا يتيما: ما معنى اسمكم، عبيابة أقصد؟
ولكن بما أني لم أحضر ولا يبدو أن هناك ما يشجعني على حضور أي نشاط رسمي لاحقا، فلدي سؤال بديل لوزير “بزاف ديال الوزارات”: أليس عيبا عليك يا عبيابة هذا التعامل البئيس مع مهنيين أتوا لتشريفك باسئلتهم؟
هؤلاء الذين يظنون أنفسهم “كبارا” ــ ولا كبير غير الله ــ في هذه الأوطان الثالثية يتعاملون مع الإعلام كالغياط والطبال والنخال.. والزبال، حسب الزفة والأغاني المطلوبة.
ويقيني أننا لا نستحق أحسن من هؤلاء لأن المهنة بقدر القيمة التي تمنحها لنفسك تجعل الآخرين يتصرفون معك. إنه زمن المفارقات في السياسة والإدارة، والإعلام.
وبتعبير فصيح للزميل علي مبارك، هذه الجملة التي قالها لي قبل 16 سنة تقريبا: “الصحافة في هذه البلاد، تذل من يعزها وتعز من يذلها”.ولقد صدق.
تمنيت دوما لو أن المناخ المهني في هذه الأوطان تغير أو أني أمارس هذه المهنة لأستضيف على المباشر في برنامج من تصوري ومن عمق جنوني المهني، واحدا من هوامير السياسة أو المال أو زعيما “على قدو”، فأبدأ الحوار معه بهذه الأسئلة، لأعلمه أنه من فصيلة الأوادم وأن ما تحت السترة الغالية لحم وسوائل سينحل ويصبح مهرجانا للديدان والصديد.
ــ سين1: شنو نوع الكراصن لي كترتاح فيهم ولعبار عفاك.
ــ سين2: حدثنا عن أكبر فشل في حياتك وأكبر قالب وقع ليك
سين3: باش كتحس ملي كتنتقم وماهو أبشع انتقام درت لحد الآن؟
س4ين:ملي غتموت ثروتم لن تنفعك علاش كتجمعها وخايف عليها؟
سين 5: انت علماني ولا محافظ ولا ليبرالي ولا شي مصيبة أخرى؟
سين6: ماهي الوصفة السحرية بش تقولب جماهير كثيرة وتوصل لمنصب وكلشي كيشوف فيك وحال فمو ولا يعترض؟
سين7: قل لي اش من نوع ديال السحر لي جربت وقضا ليك الغرض؟
سين8: حدثنا عن أجواء أخر قصارة بعيدا عن السياسة وصداع الصحافيين؟
سين 9: نوع الخمر لي كيجيب ليك تمام، وشحال كتشرب من يطرو؟
سين10: ملي كتكون وحدك وكتقرا أو تسمع شي وحدين كيدعيو فيك اش كتقول بينك وبين نفسك؟
سين11: ماذا يعني لك التقاعد..يلا كنت سمعت بيه شي مرة؟
سين 12:بنظرك، ماهي أسوأ عاداتك التي لولا المنصب لكان الحيوان أكثر تحضرا منك..خذ راحتك ويمكن تعطي أمثلة على المباشر لا بأس؟
سين 13: طال عمرك..هل انت مرتاح في جلستك اللحظة..لأني سمعت صوتا غريبا..
تنبيه مهم للغاية:
للزميلات والزملاء المبتدئين، إياكم أن تجربوا هذه الأسئلة من باب الزعامة أو البطولة..نحن في أفريقيا فلا تنسوا.