الشوارع ــ المحرر
بعد نوم عميق دخلوا فيه لشهور طويلة، لم يتخلله أي كابوس، مادامت معيشة وأرصدة أحزاب ونواب المعارضة بألف عافية، فيما تسحق الأزمة اشعيبة، لا ندري من رش مياها باردة على وجوه “أحزاب المعارضة” لتستفيق وتطالب بتشكيل لجنة تقصي حقائق.
نتحدث هنا عن البلاغ المشترك بين كل من الفريق الحركي بمجلس النواب والفريق النيابي للتقدم والاشتراكية والمجموعة النيابة للعدالة والتنمية الذين يريدون تشكيل .
لجنة نيابية لتقصي الحقائق بالغرفة الأولى للبرلمان، حول استيراد الغازوال الروسي وما ارتبط بها من شكوك بخصوص مدى شفافية العملية وسلامتها ومشروعيتها.
لن نجادل هؤلاء بمنطق المشروعية الدستورية لتشكيل هكذا لجان لأن النصوص واضحة وشروط وكيفيات تشكيل لجان التقصي لا غبار عليها، وقبل ذلك فمن يقدر على هزم “غياث” لمشاهب في “لكلام…إيه “جميل بابا فلكلام أغياث..”.
سنجادلهم ونحاججهم من منطلق الواقع والجدوى وعبر تجارب الحياة السياسية والبرلمانية المتراكمة..وهذا حقنا.
بلا إطالة في الكلام، متى سجل أن لجنة تقص برلمانية ما في سنة ما في قضية ما قد أدى تقريرها إلى أثر ملموس على الأرض فترتبت عنه محاكمات أدت إلى سجن جناة أو إرجاع حقوق إلى أصحابها.
الجواب: لم يحدث أبدا.
ولكي لا نتهم بمصادرة حق البرلمان في القيام بمهامه دعونا نبقى في الإطار العملي دائما ونتساءل عن الإمكانات العلمية والتخصصية والإجرائية المتوفرة لهؤلاء البرلمانيين للقدرة على فك لغز محلي بأبعاد دولية؟
نعلم جيدا تركيبة برلماننا من حيث “الكفاءات” التي يزخر بها، ونعي ككل المغاربة من يصل إلى القبة وكيف وعلى أي أساس “علمي، ثقافي، أكاديمي”.
إن تقصي الحقيقة يعني في النهاية الحصول على معلومات تكون قناعات تترتب عليها محاكمات تنبني على مستندات لا لبس فيها تؤدي إلى يقين يقنع ضمير القضاء.
إن كانت هذه هي النية وهذا هو الهدف فإن لجنة برلمانية مهما انتقي أعضاؤها لن تفي بالغرض ولكن من سيفي ــ ويجب أن يفي بالغرض ــ هو ما يلي.
إن أقوى المؤسسات في المغرب التي يمكنها قتل هذا الملف بحثا وتمحيصا هي المخابرات الخارجية والداخلية، ومن يريد أن يوكل هذه القضية لغيرها فهو كمثل من يريد أن يفرض استبدال الفريق الوطني لكرة القدم بفريق هواة لتمثيل بلادنا في كاس أفريقيا المقبلة بكوت ديفوار.
تصورا أن يحدث هذا ويقسم الملف إلى شقين: خارجي تتولاه “لادجيد” وداخلي يوكل لـ “ديستي”…وراك لفراجة.
وفي نهاية هذا العمل..تخيلوا ندوة صحافية في مقر “بسيج” نهارا جهارا يعلن فيها عن نتائج التحقيق ويمكن الصحافيون من نسخ ورقية معززة بالوثائق والأرقام..بعد أن يكون القضاء قد مُكن منها بوقت كاف وحدد المتهمين وتاريخ الجلسات…يا سلام.
إن تقرير لجبة برلمانية مصيره الرف إن لم نقل سلة المهملات، بينما تحقيق استخباراتي توضع نتائجه تحت تصرف القضاء والإعلام خدمة للبلاد والعباد لن يستطيع أحد نعته بالثانوي أو يتجاهله.
أيها البرلمانيون واصلوا التمتع بامتيازاتكم وناموا ما يكفي في سنوات راحتكم البيولوجية….ارتاحوا “لهلا يمحنكم”…بشي تقصي….سلموا الخبز لخبازيه فهم مقتدرون عليه.