إلى حدود تسعينيات القرن الماضي كانت الأحياء الجامعية تعني للطلبة العيش في نوع من البحبوحة طيلة أربع سنوات دراسية أو أكثر. وقد كانت هذه المؤسسات فعلا مكسبا اجتماعيا لأبناء الفقراء ومتوسطي الدخل.
ولكن الحال اليوم لم يعد كما في الماضي القريب لأن الأوضاع في الأحياء الجامعية تردت على مستويات عديدة تتطلب تدخلا حاسما من قبل الدولة والحكومة والوزارة الوصية.
وخلال الجلسة العمومية المنعقدة بالبرلمان اليوم الثلاثاء 15 أبريل 2025، كان لافتا اتفاق كل من فرق المعارضة وأحزاب الائتلاف الحكومي حول كون وضعية الأحياء الجامعية مقلقة وتتطلب تدخلاً عاجلاً يضمن للطلبة تحصيلاً علميا مستقراً وبيئة لائقة.
وكشفت الجلسة المخصصة لمناقشة تقرير المهمة الاستطلاعية المؤقتة حول ظروف الإقامة بالأحياء الجامعية، مجموعة من الاختلالات البنيوية والخدماتية، وأثارت نقاشاً ساخنا..
ورفضت المعارضة قراءة التقرير من طرف النائب يوسف شيري بدلاً من مقرر المهمة، العياشي الفرفار، معتبرة أن في ذلك خرقاً للمسطرة القانونية. وبعد أخذ ورد، تم استدعاء الفرفار، الذي أكد أن التقرير لم يُنجز في صيغته النهائية، معتبراً الخلاف القائم “لعبة أطفال”، ما زاد من حدة التوتر داخل القاعة.
لكن الأهم كان اجماع الفرق النيابية على أن الأوضاع داخل الأحياء الجامعية لا تُرضي تطلعات الطلبة ولا تواكب ارتفاع أعدادهم المتزايدة.
وأكد فريق التجمع الوطني للأحرار أن معايير الاستفادة من السكن الجامعي تفتقر إلى الشفافية وتخضع للمحسوبية، داعياً إلى تشجيع الاستثمار في الأحياء الخاصة وصياغة سياسة تشاركية جديدة لتوسيع الطاقة الاستيعابية.
فيما رأى فريق الأصالة والمعاصرة أن التقرير قدم “صورة صادمة”، في ظل اكتظاظ يتجاوز 600 ألف طالب، وافتقار بعض الأحياء للإطعام والبنية التحتية اللائقة، مطالباً بتقوية الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
بينما دعا الفريق الاشتراكي بدوره إلى رؤية شاملة تتجاوز الحلول الترقيعية، مشدداً على هشاشة الغرف وضعف التهوية وغياب الولوجيات والمرافق الثقافية والرياضية.
وفي نفس الاتجاه، دعا الفريق الحركي إلى إصلاح جذري يشمل تأهيل الأحياء الحالية، وتحسين الخدمات الاجتماعية، وربط الجهود بين الوزارة، الجماعات الترابية، والقطاع الخاص.
واعتبر فريق التقدم والاشتراكية أن التقرير كان محايداً وموضوعياً، مسلطاً الضوء على نموذج جامعة ابن زهر بأكادير، التي تستقطب أزيد من 160 ألف طالب، وتتوفر على حي جامعي وحيد بطاقة استيعابية لا تتجاوز 2900 سرير.
من جانبها، دقت مجموعة العدالة والتنمية ناقوس الخطر بشأن الهدر الجامعي الذي قالت إنه بلغ 50 في المائة، في حين لا تتعدى نسبة الإيواء 4.5% من مجموع الطلبة.
وأجمعت الفرق البرلمانية على ضرورة تفاعل الحكومة مع خلاصات التقرير، والعمل على إعداد خارطة طريق واضحة لتجويد ظروف الإقامة الجامعية، وضمان الحق في السكن اللائق كشرط أساسي لتكافؤ الفرص وتحسين جودة التعليم العالي بالمغرب.
تعليق:
هذا هو العمل البرلماني وهذه هي الروح الوطنية…الصالح العام وخدمة المواطن هو عين السياسة وليس صراع الديكة.