لكل بداية نهاية ويبقى فقط الأثر طيبا كان أم سيئا. ومثلما تكون الوظائف والمسؤوليات امتحانات لمعادن الناس تكون الكوارث ابتلاءات وأيضا محكا حقيقيا للكفاءات أو نقيضها. هذا ما يحصل تماما كل مرة مع البروفيسور مولاي عبد المالك المنصوري.
يحدث هذا الابتلاء والامتحان في حياة واحد من أمهر الأطر المغربية الذي كاد يجتمع فيه ما تفرق في كثير ممن سواه: نقاء اليد والمهارة كطبيب جراح والقتالية والتفاني في العمل الإداري كمسؤول.
يتعلق الأمر بالدكتور مولاي عبد المالك المنصوري، الذي صار بعد اجتياز اختبار جديد، بروفيسورا بالمعنى الأكاديمي رغم أستاذيته في الميدان وبراعته في “بلوكات” الجراحة وساحات العمل التطوعي.
مشوار الرجل طويل ومتعب لكن به محطات فارقة تعرض فيها لمواقف جعلت الجميع في الوسط الطبي والإداري والاجتماعي يسمعونه يتكلم عملا لا قولا ويقول: هذا ما لدي فاشهدوا.
من زلزال الحسيمة الرهيب إلى زلزال الحوز الأعنف، وبينهما مهمة مندوب لوزارة الصحة بإقليم قلعة السراغنة، أثبت المنصوري انتصاره على الأنانية والذاتية والالتحام إلى درجة التصوف مع قضايا المواطنين.
لم يكن الطريق سالكا تماما بل كان مليئا بالمطبات والخوازيق والمكائد، ولكن سليل القطب الصوفي سيدي امحمد بنمنصور المعروف بـ “مولا قبتين” اعتمد على حسن نيته وكفاءته ومر بين النيران ليصل إلى الهدف ويؤدي الأمانة فكان جزاء السماء من طبيعة العمل: نجاح في المهام ورد كيد من كادوا في نحورهم.
ومن آخر المهام التي أسندت للمنصوري كانت رئاسة مندوبية الصحة بإقليم الحوز والتي تزامنت مع الزلزال، وهي المفارقات التي تجعل هذا الرجل تعشقه الكوارث مثلما يهيم هو حبا في التحديات عازما صابرا محتسبا كل ما يحصل معه خالصا لوجه الله والوطن والملك.
واليوم يتحضر المنصوري ليغادر الحوز نحو حاضرة الصحراء المغربية مدينة العيون الفيحاء بعد نجاحه أستاذا للطب والصيدلة. وبلا شك سيكون طلبته محظوظين به ككفاءة علمية وقيمة إنسانية مضافة لهيئة البحث والتدريس.
وكما يعترف هذا الإطار متعدد المواهب لغيره حتى من خارج الوسط الطبي بما يحق لهم عليه فقد وجد في أسرة الصحة بالحوز من باذله هذا السلوك الطافح بالعرفان والامتنان.
وقبل السفر نحو مغامرة مهنية جديدة بالصحراء المغربية كرمه أطباء و أطر وممرضو وممرضات وتقنيو وأعوان مندوبية وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بإقليم الحوز في حفل أخوي بهيج.
كرموه لأنهم عايشوه وشاهدوه كيف أشرف على تدبير أزمة زلزال الحوز الشاقة في حدود صلاحياته واعتبروا رحيله من هذا المركز خسارة لإقليم الحوز بناء على ما تحقق في عهده..وقبلهم كان لأهل قلعة السراغنة نفس المشاعر بعد انتهاء مهامه بتلك المنطقة.
لكل الغيورين على الشأن الوطني نتمنى مزيد نجاح وتألق ونراهن على أن نسمع مستقبلا كل ما يسر عن البروفيسور المنصوري، هذه المرة كأستاذ طب مبرز.