لأجل أفريقيا مزدهرة..الملك محمد السادس يطلق مبادرة تاريخية

تدخل المبادرة الدولية التي اطلقها الملك محمد السادس، بمناسبة الذكرى 48 للمسيرة الخضراء ، من أجل تعزيز ولوج بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي، في سياق جعل إفريقيا قارة مزدهرة.

وتؤكد هذه المبادرة الملكية الجديدة ذات الأبعاد الإقليمية والدولية، أن المملكة لا زالت تولي، تحت قيادة الملك محمد السادس، أهمية كبرى للبعد الإنساني والتنموي المستدام لدول منطقة الساحل.

ومعلوم أنه تم خلال الزيارات الملكية لبعض بلدان الساحل توقيع عدة اتفاقيات وبروتوكولات للتعاون، فضلا عن مختلف الإجراءات التي قام بها الملك لفائدة الفئات المعوزة في البلدان التي زارها.

وأحدث الملك مؤسسة محمد السادس للتنمية المستدامة، والتي تتولى القيام بمهام إنسانية بالقارة الإفريقية، كما تم إطلاق العديد من الإجراءات في دولة مالي.

ويتعلق الأمر بالمشاريع الملكية لبناء مصحة محمد السادس للرعاية ما قبل وبعد الولادة بباماكو، والتي تم تدشينها وتسليمها للسلطات المالية يوم 7 يوليوز 2022، وكذا مركز التكوين المهني في مجالات البناء والأشغال العمومية والسياحة والترميم.

وقبل عقدين كان الملك محمد السادس قرر سنة 2000 القاضي بإلغاء ديون الدول الإفريقية الأقل نموا، وذلك بإعفاء منتوجاتها من الرسوم الجمركية عند دخول السوق المغربية.

وتتميز العلاقات التجارية بين المغرب ودول الساحل بالاستثمارات المباشرة الكبيرة للمملكة في مالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد، خاصة عبر الشركات الوطنية والبنوك المتواجدة في الساحة الاقتصادية لتلك الدول.

واتخذ الملك محمد السادس، عدة مبادرات لمواكبة بلدان الساحل في مجال التعاون الثقافي.

وكانت هذه الدول من أوائل المستفيدين من التكوينات لتلبية طلبها في المجال الديني، حيث تم التوقيع، في هذا الصدد، على اتفاقيات مكنت من تكوين 500 إماما ماليا، و200 إماما نيجيريا، و199 إماما تشاديا في معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات.

وأعطى الملك في شتنبر 2016 تعليماته السامية لإرسال عدة أطنان من المساعدات الإنسانية (أغذية، أدوية، أغطية، خيام، وغيرها)، وذلك عقب الفيضانات التي اجتاحت العاصمة البوركينابية.

كما قدم المغرب العديد من التبرعات التي تشمل المعدات الطبية والأدوية لدول الساحل لدعم سلطات هذه الدول الشقيقة في مكافحة جائحة كوفيد-19.

وفي مجال مكافحة التغيرات المناخية، أولت المملكة، تحت القيادة المتبصرة لجلالة الملك، أهمية كبيرة لقضية البيئة في إفريقيا، عموما، وفي منطقة الساحل على وجه الخصوص.

وتؤكد قمة العمل الإفريقي، التي انعقدت على هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 22)، الذي احتضنته مدينة مراكش سنة 2016، التزام المغرب بالحفاظ على البيئة ومكافحة تغير المناخ. ومن بين الأولويات التي حددتها هذه القمة، إحداث لجنة المناخ لمنطقة الساحل.

ويشكل تكوين الأطر، سواء على المستوى الجامعي والتقني أو المهني، الجانب الأبرز من هذه الإجراءات، والجانب الذي أعطى النتائج الأكثر وضوحا مع بلدان الساحل. كما يعتبر المجال لتعاون أكثر استدامة بالنسبة للمغرب تجاه شركائه الأفارقة.

وارتفع إجمالي عدد الطلبة المنحدرين من منطقة الساحل، الذين يستفيدون من منح دراسية لمتابعة الدراسة في مؤسسات التعليم العالي العمومية برسم العام الدراسي 2022-2023، إلى 741 طالبا من مالي و 478 طالبا من النيجر و493 طالبا من بوركينافاسو و374 طالبا من تشاد.

وتتمحور المساعدة التقنية التي يقدمها المغرب للبلدان الإفريقية، أساسا، حول تبادل الخبرات في عدد من القطاعات، لا سيما الفلاحة، والصيد البحري، والملاحة التجارية، والطاقة المائية، والصحة، والتنمية القروية، والصناعة التقليدية، والسياحة، والبنيات التحتية. ويتجلى هذا التعاون بشكل ملموس من خلال إرسال خبراء مغاربة إلى الميدان واستقبال تقنيين وخبراء بالمغرب.

وأولى التعاون الثلاثي الأطراف الذي أطلقه المغرب أهمية خاصة لتنمية الموارد البشرية من خلال العديد من الإجراءات متعددة القطاعات، بالتعاون مع المانحين والممولين الإقليميين والدوليين، لفائدة أطر بلدان الساحل، مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد

وفي هذا السياق، أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أمس السبت بمراكش، أن المبادرة الدولية للملك محمد السادس لتسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي “تعد بتحول استراتيجي لبلداننا”.

وقال بوريطة، خلال افتتاح أشغال اجتماع وزاري للتنسيق بشأن المبادرة الدولية للملك محمد السادس لتسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، بمشاركة مالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد، “إن هناك دوافع استراتيجية وبراغماتية كثيرة تجعل هذه المبادرة الملكية تعد بتحول استراتيجي لبلداننا”.

وأوضح أن أول هذه الدوافع يتمثل في “تقليد التعاون والتآزر والتضامن القائم على الدوام بين المغرب، وملوكه، وبلدان الساحل الشقيقة”.

وأبرز أن الملك محمد السادس دأب على إيلاء الأهمية لهذه الروابط وتعزيزها، مشيرا، في هذا الصدد، إلى أن المبادرة الملكية تشكل امتدادا للالتزام الفاعل والمتضامن للمملكة، وللملك شخصيا، إلى جانب بلدان الساحل الشقيقة.

وقال بوريطة إن الغرض من ذلك، “يكمن بكل بساطة وتواضع، في تثمين تقليد التعاون المتضامن، لتجسيد القناعة الثلاثية التي تنبني عليها المقاربة الملكية”.

وأوضح في هذا الصدد، أن القناعة الأولى هي أنه بالنسبة للملك محمد السادس فإن منطقة الساحل ليست، ولم تكن أبدا منطقة مثل أي منطقة أخرى، ناهيك عن كونها منطقة عبور عادية بين شمال إفريقيا وإفريقيا جنوب الصحراء.

وتابع الوزير أن القناعة الثانية مفادها أن الملك محمد السادس، لطالما كان مقتنعا بالمؤهلات التي تزخر بها دول الساحل.

وأضاف أنه “حيثما يرى الكثيرون المشاكل، يرى الملك محمد السادس الفرص. وكلما تعلق الأمر باليأس، إلا ووقف جلالته عند المؤهلات، وكلما اختار البعض الحلول السهلة، فإن الملك يوصي بالمعالجة العميقة من أجل بلورة حلول حقيقية”.

وبخصوص القناعة الثالثة للملك محمد السادس، أكد الوزير أن جلالته يدافع عن التنمية باعتبارها مفتاحا لحل مشاكل منطقة الساحل.

وأشار في هذا السياق، إلى أن المبادرة الملكية تعد بأن يبذل المغرب كل طاقته وجهوده ويتقاسم كل خبرته، مؤكدا أن الأمر يتعلق بدعم شركاء الساحل من أجل تحرير القدرات الهائلة التي تزخر بها المنطقة، وبالتالي تسريع النمو والتنمية المستدامة والشاملة لاقتصادات المنطقة.

وتعكس هذه المبادرة فلسفة الرؤية الملكية، التي تم التعبير عنها بمناسبة انعقاد القمة التاسعة والعشرين للاتحاد الإفريقي، “من أجل انبثاق إفريقيا جديدة؛ إفريقيا قوية وجريئة تتولى الدفاع عن مصالحها، إفريقيا مؤثرة في الساحة الدولية”.

وأشار في هذا السياق، إلى أنه “إذا تمكنت قوى الشر الإرهابية والانفصالية وغيرها من المفسدين من فرض تهديداتها على المستوى الإقليمي، فإنه لا يمكن أن تتخلف قوى الخير عن إشاعة النمو وتحقيق تنمية الساكنة إقليميا”.

وقال “إن هذا هو الهدف الذي ترنو إليه مبادرة الملك محمد السادس لتسهيل ولوج دول الساحل الشقيقة إلى المحيط الأطلسي. لأنه من غير المعقول اليوم أن تظل أرض خصبة كمنطقة الساحل، معزولة لغياب التضامن والجرأة”.

وأكد بوريطة أن المبادرة الملكية تقترح إعادة التفكير في النموذج والبناء، بشكل مشترك، لحلول مبتكرة وشجاعة.

وخلص بوريطة إلى أن الملك محمد السادس “يفضل الاستثمار الحقيقي المنتج للثروة المشتركة والمستدامة. كما يفضل المشاريع المهيكلة وفق منطق “رابح-رابح”، ويركز الملك محمد السادس أيضا على قوة تشكيل الوعي بدل المنطق الأمني فقط”.

 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد