الناصري و بعيوي، القياديان في حزب الأصالة والمعاصرة، بسجن عكاشة. هذا هو الحدث والحديث في المغرب اليوم. التهم ثقيلة والقرار القضائي مفاجيء وغير منتظر بالمرة. فما الذي يحدث في البلاد: استمرار مسلس “مبديعين” أم زوبعة أخرى قد يخرج منها المتهمون كما تسل الشعرة من العجين؟ لنعط القضاء والوقت وقتا.
فقد أيد قاضي التحقيق التهم الثقيلة جدا التي وجهتها النيابة العامة بمحكمة الاستئناف في الدار البيضاء لناصري الوداد وبعيوي جهة الشرق رفقة آخرين تجاوزوا العشرين شخصا، على خلفية ملف تاجر المخدرات الدولي الملقب بـ”إسكوبار الصحراء”.
وتوبع المتهمون الذين أودعوا صباح اليوم الجمعة السجن المحلي عين السبع، المشهور بـ”عكاشة”، بالدار البيضاء بتهم تتعلق بالاتجار بالمخدرات والتزوير في محررات رسمية واستعمالها والنصب ومحاولة النصب واصطناع اتفاقات للاتجار بالمخدرات، والتزوير في الشيكات واستعمالها، وحمل الغير على الإدلاء ببيانات عن طريق التهديد، واستغلال النفوذ.
وحدد قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء موعد أول جلسة للاستنطاق التفصيلي في 25 يناير المقبل، حيث سيتم إحضار جميع المتهمين من سجن “عكاشة”.
هذا وقرر قاضي التحقيق صباح اليوم إيداع 20 شخصا السجن المحلي عين السبع، فيما تمت متابعة عون بإحدى الجماعات في حالة سراح؛ بينما كان الوكيل العام قرر إرجاع أربعة آخرين، ضمنهم موثق، إلى الفرقة الوطنية قصد تعميق البحث.
كما مثل أمام نائب الوكيل العام 25 شخصا، بينهم البرلماني السابق “بلقاسم مير” عن حزب الأصالة والمعاصرة، فضلا عن رجال أعمال ومصممة أزياء ومسيري شركات، وتجار وموثق وعناصر أمنية، ومنتمين لسلك الوظيفة العمومية، حيث استمر الاستماع إليهم منذ زوال الخميس إلى غاية التاسعة والنصف ليلا.
وانفجرت هذه القضية الكبيرة بالنظر لمكانة ونفوذ المتهمين فيها ــ الناصري وبعيدي على وجه الخصوص ــ بعد اتهام تاجر المخدرات الدولي المشهور بـ”إسكوبار الصحراء”، مجموعة من الشخصيات بالاستيلاء على ممتلكاته العقارية.
وفي هذا السياق، دعا محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء إلى فتح بحث قضائي بخصوص جريمة غسيل الأموال في مواجهة سعيد الناصيري رئيس فريق الوداد البيضاوي والقيادي بحزب الأصالة والمعاصرة، إلى جانب زميله في ذات الحزب ورئيس جهة الشرق عبد النبي بعيوي وشقيقه وباقي المتهمين، مع عقل ممتلكاتهم في افق مصادرتها لفائدة خزينة الدولة.
كما ثمن الغلوسي قرار الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء ومعه قاضي التحقيق فضلا عن الأبحاث الجنائية التي انجزتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، معتبرا أن هذه “خطوة إيجابية ومهمة، ينبغي أن تشكل نهجا في السياسة الجنائية في علاقتها بمكافحة الفساد ونهب المال العام”.
وقال الغلوسي إن الظرفية الدقيقة والصعبة التي تمر منها البلاد على كافة المستويات تقتضي شجاعة وحزما في مكافحة الفساد والريع والرشوة، ومواجهة سياسة الإفلات من العقاب والتأسيس الفعلي لدولة الحق والقانون.
كما دعا الغلوسي عبد اللطيف وهبي الأمين العام لحزب الأصالة و المعاصرة ووزير العدل إلى جمع المكتب السياسي لمناقشة تداعيات هذه القضية الشائكة، لتفكيك العلاقات المشبوهة بين السياسي والثروة والفساد واستغلال مواقع المسؤولية لبناء شبكات فساد مركبة، أشبه بأسلوب عصابات المافيا، تتوزع على مختلف المهن والوظائف، حسب تعبيره.
تعليق:
الناصري وبعيوي والكل بريء حتى تثبت إدانته، هذا هو مبدأ القضاء والمواطنة معا. غير أن الواقعة تعيد تحريك ما بخواطر المغاربة من أشجان وآمال بخصوص تفعيل القانون على الجميع وفي كل الظروف.
يرجو المغاربة أن يكون القانون يوما سيدا على الجميع بصرف النظر عن الموقع والمكانة والعلاقات والانتماء عموما.
يتمنى المغاربة أن يصبح للقضاء صولات وجولات ويكون السلطة التي تركع أما سيفها العادل القاطع باقي السلط بلا استثناء.
يريد المغاربة قضاة لا يستمعون سوى لضميرهم و لا ينظرون في غير نصوص القانون التي درسوها وصاروا فيها خبراء وفقها.
يريد المغاربة أن تكون هذه الواقعة بداية حقيقية لمسلسل لا يتوقف يدمر أوكار الفساد السياسي والمالي و العلائقي.