تحلية مياه البحر في المغرب: تحذير من التفاؤل المفرط

تحلية مياه البحر في المغرب جراء تحديات الجفاف والحاجة المتزايدة للماء الشروب ومياه السقي رهان مغربي كبير عليه كحل لأزمة تطل برأسها، ولكن هل ستصدق التوقعات؟
وفي هذا السياق، حذر تقرير صادر عن « المعهد المغربي لتحليل السياسات » من التداعيات السلبية المحتملة للتفاؤل التقني المفرط بتحلية المياه البحر، مشيرا إلى أن هذا التوجه يغفل العديد من القضايا الحاسمة التي يجب على السلطات العامة أخذها بعين الاعتبار لتحقيق هذا الرهان الكبير.

وكشف التقرير نفسه أن الخبراء أشاروا إلى أن عمليات التحلية تضر بالحياة البحرية، وتستخدم مواد كيميائية سامة وتطرح محلولًا ملحيًا يخل بالنظم البيئية.

وأكد الخبراء عينهم أن كثافة استخدام الطاقة في هذه التقنية، تثير تساؤلات حول إمكانية التحلية في إدخال المجتمعات في مسارات طاقة عالية، وما يترتب على ذلك من تداعيات على الاستدامة والعدالة البيئية من خلال تحويل الندرة من قطاع المياه إلى قطاع الطاقة.

وأشار التقرير إلى أن أن التكلفة العالية للمياه المحلاة تجعلها مجدية فقط للمحاصيل ذات العائد المرتفع، مما يحد من دورها في قطاع زراعي مستدام.

ونبه التقرير من التحولات الحضرية الناتجة عن عملية تحلية مياه البحر ، حيث تعتمد المدن بشكل متزايد على هذا المورد، بالإضافة إلى أن عملية إنتاج المياه المحلاة مكلفة وتقنية عالية، مما يجعلها سلعة.

ويرى خبراء المعهد الخبراء من أن تطوير التحلية كحل لتزويد المياه دون معالجة المشكلات الهيكلية والتاريخية الأساسية في قطاع المياه قد يؤدي إلى تفاقم عدم المساواة في الوصول إلى المياه، وتعميق التفاوتات القائمة وإهمال الأسباب الجذرية لنقص المياه.
وفي صيف العام الماضي، أعلن المغرب بداية أشغال إنجاز أكبر محطة لتحلية مياه البحر الأكبر في إفريقيا، في تحد غير مسبوق لمواجهة تداعيات أزمة تراجع المخزون الاستراتيجي من المياه، بعد توالي سنوات الجفاف.

وينتظر أن تنتج المحطة الجديدة قدرة إنتاج سنوية تبلغ 300 مليون متر مكعب، ستستفيد منها ساكنة تقدر بـ 7.5 مليون شخص.

وجاء هذا المشروع المغربي في سياق رؤية تروم تطوير العرض المائي، في الفترة الزمنية ما بين 2020 و2027، بتكلفة مالية تصل إلى 143 مليار درهم مغربي.
وتوجد المحطة ، التي ستمكن من تلبية الطلب المتزايد على الماء بالدار البيضاء الكبرى ومدن سطات وبرشيد والبير الجديد والمناطق المجاورة، من خلال شطرين على قطعة أرضية تبلغ مساحتها 50 هكتارا، وكلفت استثمارا إجماليا بلغ 6.5 مليار درهم تمت تعبئته في إطار شراكة بين القطاعين العام والخاص.

وخلال الشطر الأول، الذي يرتقب أن يشرع في استغلاله في نهاية العام المقبل ستبلغ القدرة الإنتاجية 548 ألف متر مكعب من المياه المعالجة يوميا، (200 مليون متر مكعب سنويا)، لترتفع هذه القدرة الإنتاجية في الشطر الثاني، الذي سيشرع في استغلاله في منتصف سنة 2028، إلى 822 ألف متر مكعب يوميا، أي 100 مليون متر مكعب إضافية سنويا، منها 50 مليون متر مكعب للاستعمال في قطاع الفلاحة.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد