مع عودة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير 2025، تواجه التظاهرات المؤيدة لغزة في جامعات الولايات المتحدة الأمريكية مخاطر عدة، حيث تمارس ضغوطاً على المؤسسات التعليمية بشأن التعامل مع التظاهرات وحرية التعبير، سواء من قبل مشرعين أو جهات مانحة.
وكانت شرارة هذه التظاهرات قد اندلعت في أبريل الماضي حينما بدأ طلاب مؤيدون للفلسطينيين في جامعة كولومبيا الأمريكية اعتصاماً في حديقة الحرم الجامعي، احتجاجاً على الاستثمارات المالية المستمرة للجامعة في الشركات التي تدعم احتلال فلسطين و”الإبادة الجماعية” في غزة.
وفي وقت لاحق، امتدت المظاهرات والاعتصامات إلى جامعات رائدة أخرى في الولايات المتحدة، مثل جامعات نيويورك وييل، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وجامعة نورث كارولينا.
يأتي ذلك بينما أصبحت المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين، التي أشعلتها الحرب الإسرائيلية المستمرة في غزة منذ أكثر من عام، بمثابة نقطة اشتعال سياسية ترفض الاختفاء.
وقد نجحت التظاهرات الطلابية الداعمة لفلسطين في تحقيق أهدافها بالفعل، وكان ذلك ملحوظاً في قرار عدة جامعات أمريكية سحب استثماراتها من الشركات المتعاونة مع الاحتلال الإسرائيلي، ومن بينها جامعة إيفرغرين وجامعة جونز هوبكنز.
في المقابل، شنّ اللوبي الداعم لإسرائيل هجوماً على قادة الجامعات. ففي شهر ماي الماضي، وخلال جلسة استماع في الكونغرس، اتهمت لجنة في مجلس النواب بقيادة الجمهوريين قادة الجامعات بالاستسلام لمعاداة السامية، حتى أن مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية، أفريل هاينز، اتهمت إيران بأنها “تحاول تأجيج الاحتجاجات سراً في الولايات المتحدة فيما يتعلق بالحرب في غزة، وفي بعض الحالات، تقدم الدعم المالي للمتظاهرين”.
وبينما تستعد الولايات المتحدة لتنصيب ترامب رئيساً جديداً، أعرب مستشارون قانونيون وطلاب جامعيون عن مخاوفهم من أن تشكل عودة الرئيس الجمهوري نهاية لحرية التعبير في الجامعات الأمريكية، يواجه من خلالها الطلاب وأعضاء هيئة التدريس على حد سواء أعمال انتقامية لمجرد الانخراط في خطاب مؤيد للفلسطينيين أو مناهض للحرب.
ووعدت إدارة ترامب القادمة بحملات قمع أكثر صرامة، وهو ما قد يؤدي إلى إعادة تشكيل مشهد التظاهرات والتعبير في الحرم الجامعي، بحسب تقرير نشره موقع ميدل إيست آي البريطاني.
نستعرض في هذا التقرير أبرز المخاطر والتحديات التي تواجه التظاهرات المؤيدة لغزة، والتي تتنوع ما بين تشريعات جديدة تستهدف هذه التظاهرات وتهديدات أطلقها ترامب بترحيل الطلاب الداعمين لفلسطين.
اعتباراً من شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، خضعت ما لا يقل عن 60 جامعة لتحقيقات فيدرالية في جميع أنحاء الولايات المتحدة، والتي تتضمن اتهامات بتعزيز معاداة السامية أو دعم الإرهاب تحت ستار التضامن مع الفلسطينيين.
ونقل موقع ميدل إيست آي عن أودي عوفر، أستاذ في جامعة برينستون ورئيس المجلس الاستشاري الدولي لجمعية الحقوق المدنية في إسرائيل، قوله: “أخشى أن تخضع المنظمات والطلاب الذين يشاركون في حركات الاحتجاج في الحرم الجامعي لتحقيقات فيدرالية غير مبررة، سواء من قبل إدارة ترامب أو من قبل الكونغرس”.
وأضاف عوفر أن “مثل هذه التحقيقات قد يكون لها تأثير خطير على رغبة الطلاب في التعبير عن آرائهم في الحرم الجامعي في جميع أنحاء البلاد”.
كما أعرب إريك لي، المحامي الذي يمثل براهلاد إينجار، الطالب في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، والذي يواجه الطرد بسبب نشره مقالاً في مجلة طلابية بعنوان “حول السلمية”، من أن يزداد الوضع سوءاً.
وقال إريك: “اتهمت الجامعة إينجار صراحة بالترويج لمنظمة إرهابية، وهي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. إن محاولة اتهام إينجار بالإرهاب تشكل هجوماً هائلاً على التعديل الأول، والإجراءات القانونية الواجبة، والحقوق الديمقراطية للسكان بالكامل”.
ومن المتوقع أن يحضر إينجار جلسة استماع في الجامعة، حيث لن يُسمح له بحضور محاميه. وأضاف إريك أن “أحد الإداريين المسؤولين عن توجيه الاتهامات ضده سيكون رئيساً للجنة الاستماع”.
ولا يقتصر الأمر على التحقيقات مع الجامعات، حيث أشارت تقارير أخرى سابقة إلى اعتقال المئات من الطلاب المؤيدين لفلسطين أيضاً، ناهيك عن تعرض البعض منهم لمعاملة قاسية من الشرطة الأمريكية. وأفاد طلاب بأنهم تعرضوا للضرب على أيدي ضباط شرطة نيويورك بعد اعتقالهم ونقلهم إلى المستشفى بسبب إصاباتهم قبل إعادتهم إلى مركز الاحتجاز.