بقلم: يونس التايب
من الصعب أن تجد مغربيا في خاطره القدرة على حمل مشاعر سلبية تجاه حكيم زياش، و لو أن حكيم يبالغ أحيانا في مزاجيته و “قصوحية الراس ديالو”، و يتصرف دون اكثرات لأي كان، في الملاعب و خارجها.
ولعل سبب ذلك الشعور الإيجابي تجاه حكيم زياش هو أن الرجل أثبت أنه مغربي قح، و مرضي والدته، و ذلك أمر مهم جدا لدى المغاربة عامة. فحين اختار حكيم اللعب مع منتخب وطنه الأصلي المغرب، فعل ذلك من منطلق الانتماء الإرادي، في وقت كان ممكنا أن يستمر هولنديا، و يكون أحد نجوم منتخب بلاد الأراضي المنخفضة لكن الشاب يحب بلاده، و لا يمكن لأي أحد أن يزايد عليه في هذه النقطة.
في هذا السياق، في ارتباط بما كتبه حكيم زياش على حسابه في موقع أنستغرام، أعتقد أن الرجل أصاب و تميز في التدوينة الأولى، لكنه جانب الصواب في جزء مما كتبه في التدوينة الثانية التي لم يكن فيها موفقا، بل حمل كلامه مغالطة غير صحيحة، أجزم أن الرجل لم يقدر جيدا عمق معناها، و لا خطورة الاعتقاد بها و ترويجها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
لذلك، أنا أميل إلى فرضية أن هنالك طرف من محيطه، قد يكون استغل حماسة حكيم، المشروعة والمقبولة، و أوحى إليه بكتابة تدوينة ثانية، بعد ما حققته الأولى من تفاعل إيجابي كبير، حيث لا يمكن أن لا يتفق معه بشأنها غالبية البشر الأسوياء الذين يرفضون الظلم و التقتيل و حرب الإبادة الجنونية التي تقودها دولة الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني.
بشكل عام، و نحن نحلل كلام حكيم زياش، علينا أن لا نحمل الموضوع أكثر مما يحتمل، وكأن الرجل زعيم سياسي، أو عالم من علماء الأمة، أو مفكر عظيم تستأنس الجماهير بهدي ثقافته، أو كاتب رأي و محلل استراتيجي نقرأ عموده اليومي في موقع إخباري أو نسمع تحليلاته في قناة، لنستطيع فهم تضاريس السياسة و نقترب من حيثيات قضايا الشأن العام الوطني و الملفات الدولية.
كما يعرف الجميع، حكيم زياش لاعب كرة القدم، وتلك مهنته و تخصصه. و في الحياة العادية، هو شخص طيب، له مزاج خاص نعرفه به، يمكن أن ينتقل دون مقدمات من الفرح إلى نقيضه، كما قد ينفجر و يغادر دائرة الهدوء ليدخل دائرة الانفعال المفاجئ، دون أن يكلف نفسه تبرير ذلك أو شرح الملابسات.
و بالتالي، ما يعتقده حكيم زياش أو يكتبه، هو رأيه الخاص الذي له نفس قيمة أي رأي آخر يقوله مواطن غيره، مع فارق أن حكيم “أيقونة” في مجال رياضي له جماهير كبيرة تتابعه في مواقع التواصل الاجتماعي، و المواطن العادي قد يكون “نكرة” لا يعرفه إلا جيرانه و الأقرباء، مما يجعل رأيه محدود الأثر.
طبعا. لحكيم زياش أن يعتقد ما يشاء، و أن ينشر رأيه على العموم. ولنا أن نتفاعل معه، سلبا أو إيجابا، كما في حالة تدوينته الأولى التي أعجبتنا لأنها أتت بالحقيقة التي لا يمكن إنكارها. لكن، حين حملت التدوينة الثانية معطيات خاطئة أو مغلوطة، تمس صورة بلادنا بغير وجه حق، حتى دون أن يقصد حكيم زياش من وراء ذلك الإساءة، علينا أن نناقشه و نرد عليه، و نحاججه لنكشف له خطأ ما ذهب إليه من تقييم حالة أو رأي، و نوضح له كيف يستغل أعداء المغرب والمغاربة كل صغيرة وكبيرة للنيل من بلادنا.
لذلك، عوض التهييج الفارغ الذي سقطت فيه بعض الصفحات، وكثرة التأويلات والكلام الذي لا معنى له، يكفي أن نقول لحكيم زياش : “لقد أحسنت في ما كتبته في التدوينة الأولى و نحن نفتخر برؤيتك وأنت تجسد انتماءك الإنساني الرافض لإرهاب المدنيين و الإبادة الجماعية، لكنك جانبت الصواب والموضوعية في جزء من التدوينة الثانية، و لم تكن موفقا.” ثم بعد ذلك، نطوي هذا الملف لدو نركز على قضايا و أمور أهم و أنفع.
وبعيدا عن هذه الحالة، أعتقد أن المطلوب هو أن نراجع أنفسنا و نفكر قليلا في عمق المشكل الذي أصبح مجتمعنا نعيش فيه، و يتجسد في :
– طغيان التعامل الانفعالي، باستعمال مواقع التواصل الاجتماعي، أو بالرد على ما يصدر فيها؛
– الغرق في تفاهة “المؤثرين”، و بؤس التأطير الذي قبلنا بأن تقوم به الأراء المصنوعة دون ضوابط منهجية أو مهنية، التي تصدر ممن لا قيمة لهم في مجالات عديدة يتطاولون للحديث فيها.
سأعود لتناول هذه الفكرة بشكل أوسع.