التايب يفكك معادلة كونية: احترف “الهضرة” تصبح مفكرا

نشر المحلل السياسي المغربي ذ.يونس التايب تدوينة مطولة فكك فيها ظاهرة عجيبة غريبة انتشرت في المغرب، وهي على تعقيدها بسيطة التركيبة الميكانيكية: “اهضر كثيرا وباصرار” تصبح مفكرا بزز على العلوم الإنسانية قاطبة. إليكم التدوينة حرفيا:

“لا أدري هل لاحظتم كيف تصر بعض منابر “الإعلام الجديد” على إلصاق صفة “المفكر”، ببعض الأشخاص الذين كثر خروجهم التواصلي في السنوات و الأشهر الأخيرة …
بل، الغريب هو أن ذلك “البعض”، أصبحوا مصرين على اعتبار أنفسهم “مفكرين”، رغم أنهم، إلى حدود الساعة، لم يأتوا بجديد معتبر في أي مجال من مجالات الفكر أو الفلسفة، أو العلوم الإنسانية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية أو البحث التاريخ، وكل جهدهم الفكري تلخصه:
– إسهاماتهم “الشفوية” عبر اليوتوب ومواقع التواصل؛
– الحضور الدائم في بعض الندوات التي تنظمها نفس الحساسية الفكرية و الإيديولوجية التي ينتمون إليها؛
– التزامهم بترديد نفس الخطاب ونفس الأفكار، على امتداد سنوات، دون تغيير و لا تعديل و لا تصويب و لاشك و لا مراجعة؛
– استمرارهم في الغياب عن ساحة التأليف (كتب أو مقالات علمية)، وعن ساحة إنتاج أو تطوير نظرية فكرية ما، أو ساحة تقديم أطروحة نظرية أو إبستيمولوجية جديدة.
لذلك، أتساءل :
– ماذا يعني بالضبط أن تكون “مفكرا” … ؟
– ما هي الشروط التي إذا توفرت فيك فأنت “مفكر”؟
– على أساس أية معايير، يصبح جائزا وصف “فلان” بأنه “مفكر” ؟
– هل ينطبق التعريف الموضوعي الدقيق لصفة المفكر، على ما نراه في الساحة من نموذج “المفكر الجديد”، خاصة من ييدو أنه يعتقد أنه الأحق بالاستفراد ب “ساحة الفكر” ؟
– هل يجوز اعتبار شخص ما “مفكرا”، إذا انتفت فيه شرط الالتزام بأخلاقيات التواصل، خاصة مع خصومه وعموم المنتقدين لما ينتجه من “فكر” ؟؟
– هل يكون الشخص مفكرا فعلا، إذا لم يجسد قيم المسؤولية المجتمعية و احترام الاختلاف …؟
هل يكون الشخص مفكرا، حين يستقر خطابه في منظور واحد لا يتغير، يطبعه نزوع مستمر نحو المزايدات الصدامية، لا ينتقل من رأي مستفز إلا ليدافع عن رأي أشد استفزازا، دون إسناد كلامه بما يتفق حول رصانة “فكره” الراسخون في العلم، باختلاف مجالات العلم الممكن أن يشملها النقاش العمومي …؟
هل يمكن أن يجمع المغاربة على تقدير القامات الكبيرة التي زخرت بها و لاتزال بلادنا، من مفكرين من أمثال السادة عبد الله العروي و محمد عابد الجابري و المهدي المنجرة و علال الفاسي و عبد الكريم غلاب و محمد بنيس و طه عبد الرحمان و محمد شفيق و عبد الله كنون و المختار السوسي ومحمد سبيلا و عبد الكبير الخطيبي… و غيرهم المئات من الأعلام الذين يستحيل ذكرهم جميعا في هذا المقام … ثم يأتي زمن ظلم المصطلحات و المفاهيم الذي أجاز فيه البعض لأنفسهم تضليل وعي الناس عبر إلصاق صفة “مفكر” ب “فلان” و “علان”، من أصحاب الشفوي الله يداوي، بينما عقل و وجدان و تاريخ المغاربة يشهدون بسمو صفة المفكر و قيمة أهل الفكر الحقيقيين ؟
اعذروني على هذه التدوينة القصيرة، لكنها ألحت علي لأكتبها، تفاعلا مع بعض “المتكلمين” الذين دأبوا على “الهضرة” دون وعي بأنهم يسيؤون للنقاش العمومي أكثر مما يفيدونه، ويسيؤون إلى صورة قناعاتها “الفكرية” أكثر مما ينجحون في كسب عقول جديدة.
** ملحوظة :
عفاكم، باش ما يغلط شي واحد و يتهمني… أنا مجرد “كاتب رأي” يصيب ويخطئ … ولست مفكرا … و السلام.

#سالات_الهضرة
#المغرب_كبير_على_العابثين
#أنيروا_الطريق
#عاش_المغرب_و_لا_عاش_من_خانه
“#المغرب_أولا

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد