متى نكف عن تقديس الأشخاص ونشتبك مع الأفكار؟

محمد بن توزالت

القضية لا تتعلف فقط بوجود دليل على الإله الخالق أو صدق النبوة من عدمه، فلطالما رأينا وخبرنا أشياء واضحة وضوح الشمس وعليها أدلة وبراهين قوية، ومع ذلك الأغلبية الساحقة من الناس يكابرون ويجاحدون ويعتدون بآرائهم، بقدر ما تتعلق بالنضج الفكري والمعرفي والاحتكام للحقائق بتجرد وتواضع فكري ومعرفي بعيدا عن الأفكار المسبقة والإيديولوجيات المتعصبة التي لا تؤمن إلا بقانون إما معنا أوضدنا. وهذا أحد مآزق ثقافتنا العربية المعطوبة..

ولأعطي مثالا على صحة ما أقول سأسرد لكم قصة خبرتها بنفسي وتابعتها عن كثب في هذا الفضاء الأزرق الذي أصبح منبر من لا منبر له، من كل ناعق وسطحي الفكر.

حدث يوما أن وجدت إماما من خريجي الأزهر يأخذ خطب الدكتور الفاضل عدنان ابراهيم العرفانية ويلقيها على أسماع مرتادي مسجده بصعيد مصر على أساس أنها له، ولا يكتفي فقط بهذا بل يتعداه الى نشر مقتطفات من الخطبة المسروقة على صفحته مستهلا إياها ب: “من خطبتنا لهذا اليوم”.

 في “خطبته” لذلك اليوم تجد الكم الهائل من المديح الزائف والإعجاب الفائق بكلام الشيخ العلامة والولي الأزهري الصالح- السارق- من متابعيه من شتى الفئات والمستويات, بمن فيهم أساتذة وجامعيون، ولأنني في ذاك الوقت كنت من متابعي كل ما يصدر من الدكتور عدنان جازاه الله عنا خيرا، من خطب ومحاضرات ولا أفلت منه شيئا، اكتشفت سرقة الرجل فحاولت تصفح صفحته من أولها الى آخرها فلم أجده يشير إلى فضل الدكتور عدنان لا من قريب ولا من بعيد ولو بكلمة او اقتباس أو صورة.

 غاضني الأمر كثيرا فعمدت الى تعليق على أحد منشوراته، نبهته فيها أن ما يقوم به من سرقة مجهودات الأخرين ونسبها لنفسه لا يليق برجل فاضل يشتغل في الوعظ والإرشاد الديني في مسجد وفوق منبر رسول الله عليه أفضل الصلوات وأزكى التسليمات وعلى اله وذوي الفضل من صحبه.

 بعدها مباشرة تعرضت لوابل من السباب والشتائم من أتباعه، ولأن الرجل فهم الرسالة وخشي على نفسه من الفضيحة -قبل أن يقوم بحظري- من متابعته وهو -ما توقعته تماما ولم يخب توقعي فيما بعد- عمد ولأول مرة، إلى وضع صورة عدنان ابراهيم مذيلة بكثير  من المديح والثناء الزائف، فما كان من أتباعه الذين يثنون ويباركون بالأمس القريب كلامه ووعظه المسروق، الى أن انقلبوا عليه تماما داعين إياه إلى البراءة من ذلكم الشيخ الضال المضل الشيعي المتخفي الذي يدس السم في العسل….

من يومها اقتنعت أن شعوبنا غارقة في التخلف والانحطاط تقدس الأشخاص فقط وتعبد أوثانا من دون الله صنعتها لأنفسها، أما قضية الأفكار والحكمة ضالة المؤمن وغيرها من الشعارات المزعومة فبينها وبيننا بعد المشرقين والمغربين…

فلا حول ولا قوة إلا بالله.

 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد