أحمد الجَـــلالي
شاءت إرادة السماء ان يكون للمغرب في سنة 2023 وزير للثقافة والتواصل اسمه “مهدي” لم يسبق له ان نشر كتابا ولا بحثا أكاديميا معتبرا ولا حتى مقالة رصينة في صحيفة او موقع معروف. وشاءت الاقدار نفسها أن يحاضر أمام الصحافيين خلال افتتاح مؤتمرهم التاسع المتزامن مع تخليد نقابتهم العيد الستين لميلادها حيث كرموا قيدومها محمد اليازغي.
قال “مهدي” إن الصحافة “خدمة عمومية ومهنة نبيلة مثل باقي المهن”، مؤكدا أن الولوج إليها يجب أن يكون عبر طرق “واضحة تليق بالمهام النبيلة التي يقدمها مجال الإعلام للمجتمع”.
الكلمة المفتاحية في هذه الجملة هي “الولوج” وهو يقصد “اللعيبة” الجديدة التي صنعها بمعية اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون الصحافة في البلاد والتي وضعت من المتاريس لمنع “الولوج” لهذه المهنة ما يكفي لانسحاب طلاب الصحافة من معاهدهم وعدم إضاعة الوقت للالتحاق بمهنة وضعوا علي أبوابها كل الاقفال المحكمة.
وقال “مهدي”: “أصبحنا نشاهد بعض الظواهر التي لا تليق بمهنة الصحافة، خصوصا مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي”. قال هذا وكأنه أفنى عمره صحافيا محررا ثم رئيس قسم ثم رئيس تحرير في صحف المغرب وصحف العرب ومجلات وقنوات العالم. يا سبحان الله.
وزاد “مهدي” مستطردا أن البعض استغل “المناخ الديموقراطي ببلادنا والتطور التكنولوجي للقيام ببعض الممارسات مثل الابتزاز والتشهير، وينشر الأخبار الزائفة كونه يمارس العمل الصحافي، والحقيقة أن الصحافة بريئة من كل هذه الممارسات، وكانت ولا تزال السلطة الرابعة”
آش جاب كوععو لبوععو؟ ما علاقة الصحافة كمهنة لها قانون واخلاقيات وضوابط باستخدام الناس للتكنولوجيا المتاحة في الأسواق؟ وما شأننا نحن المهنيين بأصحاب قنوات التيكتوك؟ يلا كانت عينك في منصات التواصل الاجتماعي دوي مع اخنوش وسدوا باباها ميبقا حد يشوفها في المغرب وارتاحوا وريحونا امعاكم.
وأضاف “مهدي” أن مهنة الصحافة نبيلة، يجب تطويرها من جميع الجوانب، خصوصا الجوانب الاجتماعية والمادية”، مشيرا الى انه “كان للاتفاق الاجتماعي الموقع مؤخرا الأثر الكبير على عدد من الصحافيين والممارسين لمهنة الصحافة”.
مهلا، الاتفاق الاجتماعي لم يكن عليه اجماع وحتى يلا كان راه عاد وقع هاد الاتفاق فكيف كان له بهذه السرعة على الممارسين للمهنة الذين يعانون الهشاشة منذ عقود. وقع لك ما حصل لمريض غير شاف الدواء قال الللله…حسيت بالراحة.
كما رحب “مهدي” بـ”أي اتفاق اجتماعي أو اتفاقية اجتماعية تحسن الوضعية الاجتماعية والمادية للعاملين في هذا المجال، وسنواصل العمل مع شركائنا الاستراتيجيين لتحسين هذه الوضعية”.
ياك عاد قلت الاتفاق كان له الأثر الكبير.لاش باغي تزيد اتفاقيات اجتماعية أخرى؟ وبالمناسبة من هم شركاؤك الاستراتيجيون؟ واش كين شركاء آخرون لا تعتبرهم استراتيجيين؟
وأبرز “مهدي” أن الحكومة تشتغل على “تحسين الأوضاع الاجتماعية، فضلا عن تطوير المقاولات الإعلامية، ولذلك صادقت على مرسوم دعم وتحديث المقاولات الصحافية، الذي يشجع على الاستثمار في المجال الصحافي، خصوصا لمواجهة التحديات الخارجية”.
توجد بمجلس الصحافة لجنة المقاولة الإعلامية..سالات ولاية المجلس..واخترعت لجنة مؤقتة: الله يرحم الوالدين ما المؤقت الثابت في عقلكم؟ أما مرسوم الدعم فقد فصل على مقاس من يريدون التهام الكعكة وحدهم، وبما انك قرأت بلاشك بلاغ المكتب التنفيذي لفيدرالية الناشرين فلا داعي أن نشرح لك أكثر.
ولفت “مهدي إلى أن “بلادنا تتوفر على صحافيين ذوي مستوى عال”، وأن دور الصحافي اليوم هو “إيصال المعلومة، والمساهمة في النقاش العمومي، والدفاع عن المصالح العليا للوطن خارجيا”.
صحيح، بالمغرب كفاءات إعلامية حقيقية وهذه الفصيلة بالذات مهمشة وتموت في صمت بينما تم تبليص ارباع الكفاءات على كراسي أكبر منهم بكثير، وليتهم أتوا بمردودية لصالح المهنة والمهنيين. نعم، في عهد حكومة الكفاءات المفترى عليها تموت كفاءات الوطن بالتقسيط أو بـ”لكعز”..هذه لكي تفهمها يجب ان تكون ابن قاع المجتمع…لا سمح الله.
أما دور المساهمة في النقاش العمومي فهو ــ كما تريدونه ــ يجب أن يكون في حدود ما يرضي الحكومة ويطبل لوجهة نظر الأحزاب ويلوي عنق الحقيقة ويصبغ الواقع بمساحيق ممسوخة.
أما الدفاع عن مصالح الوطن العليا خارجيا فإن لديك “لاماب” وترسانة لعرايشي وقطبه العمومي الذي يلتهم ملايير السنتيمات سنويا من عرق المغاربة وخبزهم.
ولكي لا نفسد عليك فرحة خطبة افتتاح مؤتمر النقابة فقد وضعنا صورتك مع “بندير” قصدا كرسالة من هذا الموقع أننا صدقناك والدليل أننا سنحمل البندير ونقول مع المغنين والهتيفة: العام زين العام زين بزاف.
حملنا البندير وقريبا سنتعلم العزف على “الغيطة” والطبل….طمعا في الدعم الحكومي من أجل تطوير المقاولة…ثم تحسين ظروف الصحافيين وضمان التكوين الجيد لهم وبعدها تأسيس صحف رقمية ذات بعد دولي وباللغات الحية….لنقوم بالدفاع المستميت على المصالح العليا لوطننا الحبيب المغرب….خارجيا.
هل قلت خارجيا؟
إذا بقي للمهنيين الحقيقيين في هذه البلاد عقل أو روح داخل الجسد ولم “يخرجا” إلى بارئهما قبل انصرام عمر حكومتكم فاعلم إما أننا معجزات إلهية تمشي على أقدام أو أننا كائنات من الفضاء الخارجي متحدية للحمق وعوامل التعرية، حطت على هذه الأرض وعاشت معكم دون أن تدركوا طبيعتها.
اعلم يا سي “مهدي”ّ هداك الله أن من علامات تخلف حرية التعبير والصحافة في البلدان هو وجود وزارة للإعلام أصلا. لماذا؟ لأنك إن سلمت بضرورتها فلابد أن يكون للشعر وزارة وللموسيقى وزارة.
في الدول المتقدمة حقوقيا وإعلاميا هناك تنظيمات مهنية لا وصاية للحكومة ولا للتنظيمات السياسية عليها. هي تنظيمات مدنية حرة وسيدة نفسها في اتخاذ القرارات التي تخدم مصالح منتسبيها.
وفي البلدان ذات الصيت الديمقراطي لا يكون الدعم بمرسوم كمرسومك. يكون الدعم مستندا إلى معايير منها قوة الانتشار وجودة المنتوج والرغبة الحقيقية في تقوية وسائل تعبير التيارات التي تمثل صوت الأقلية لضمان بقاء الاختلاف.
واعلم يا “مهدي” الله يهديك..أن تقوية الإعلام تمر عبر ضمان استقلاليته، ومن ضمن الطرق المتبعة ضمان سوق إعلانات منفتح على الجميع وليس عبر “الوجهيات” والقوائم المعدة سلفا للمرضي عنهم.
وفي البلدان المتحضرة ــ يا مهدي الحكومة ــ ولكي تكون وزير ثقافة يجب أن تكون كاتبا مرموقا أو مفكرا مشهورا أو أستاذا جامعيا يحوز إسهامات لا غبار عليها في مجالات الأكاديميا والبحث العلمي.
رجاء، أقصد مستقبلا في كلامك ثم زنه بميزان ذهب ولا تتعالم علينا فإننا أبناء هذا المغرب ونعرف البئر وغطاه وندري جيدا “القصرية” باش مسقية…سقانا الله وإياك برضا الرحمان قبل رضا الوالدين.