“ناسا” ترصد تحولا نادرا بصحراء المغرب بعد الأمطار الأخيرة

لم تكن الأمطار الأخيرة التي شهدها المغرب وما يزال طبيعية، ولأنها ليس معتادة فقد عممت وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” صورا فضائية حديثة تبين تحولا غير مسبوق في الصحراء المغربية، نتيجة للأمطار الغزيرة التي اجتاحت المنطقة في أوائل سبتمبر 2024 بفعل إعصار خارج مداري.

وتظهر الصور  الملتقطة عبر قمر “تيرا” الصناعي، التابع لوكالة “ناسا” انتشار السيول والمياه في مناطق صحراوية شديدة الجفاف، حيث غمرت الأمطار الغزيرة البحيرات الجافة، وتسببت في أضرار جسيمة بالبنية التحتية والقرى النائية.

وشهدت المناطق الجنوبية في المغرب أمطارا غزيرة غير مسبوقة في أوائل شتنبر 2024، حيث ضرب إعصار خارج مداري المنطقة وجلب معه كميات هائلة من الأمطار. وتسبب هذا الحدث المناخي النادر في فيضانات مفاجئة غمرت مناطق واسعة من الصحراء، بما في ذلك مناطق نائية في المغرب، مما أدى إلى تدمير القرى، وإلحاق أضرار بالبنية التحتية الحيوية مثل الطرق، وانقطاع الكهرباء والمياه عن آلاف السكان.

وحسب صور الأقمار الصناعية التي التقطتها “ناسا” في 10 شتنبر 2024، والتي تقارن الوضع مع الصور الملتقطة في 14 غشت من نفس العام، يظهر تأثير الفيضانات جليًا في المساحات الصحراوية الواسعة التي تحولت من جفاف قاحل إلى مجاري مائية وبحيرات مؤقتة. وتظهر الصور باللونين الأزرق الداكن والفاتح للمياه المتجمعة، فيما يميز اللون الأخضر ظهور نباتات نمت بشكل سريع نتيجة لهذه الأمطار غير الاعتيادية. فيما تمتد المناطق المتضررة على طول الصحراء الكبرى، بما في ذلك أجزاء من جنوب المغرب، الجزائر، تونس، وليبيا.

وتسببت الفيضانات الناتجة عن هذه الأمطار الغزيرة في أضرار جسيمة لبعض القرى في المغرب، حيث أدت إلى انهيار الطرق، وانقطاع الكهرباء والمياه في بعض المناطق. وعلى الرغم من أن الأمطار الصيفية تحدث عادة في هذا الجزء من العالم، إلا أن هذا الحدث كان استثنائيًا بسبب تدخل إعصار خارج مداري قادم من المحيط الأطلسي، الذي جلب معه كميات هائلة من الرطوبة من المناطق الاستوائية إلى الصحراء الكبرى.

وأشارت تحليلات أولية لبيانات الأقمار الصناعية إلى أن كميات الأمطار التي سقطت في بعض المناطق الصحراوية تجاوزت 200 ملم، وهو ما يعادل تقريبًا ما تحصل عليه هذه المناطق في عام كامل. ولقد لوحظ امتلاء البحيرات الجافة التي نادرًا ما تُسجل هذه الكميات من المياه، بما في ذلك بحيرات في منتزه إريكي الوطني في المغرب، التي تحولت من أراض قاحلة إلى مسطحات مائية بعد العاصفة.

بالإضافة إلى التأثير المباشر على القرى والبنية التحتية، كان لهذه الأمطار تأثير بيئي مهم على الأنظمة البيئية الصحراوية. فقد أعادت الحياة إلى بعض المناطق القاحلة التي نادرًا ما تشهد نشاطًا نباتيًا أو حيوانيًا. وتشير الصور الفضائية إلى ظهور نباتات موسمية سريعة النمو بعد الفيضانات، ما يوفر فرصة مؤقتة للحيوانات البرية للحصول على المياه والغذاء. هذه الأمطار تمثل حدثًا نادرًا للغاية، حيث لم تُسجل مثل هذه الكميات من الأمطار منذ عقود، مما يجعلها محط اهتمام العلماء والباحثين في مجال المناخ.

وقال البروفيسور موشيه أرمون، المحاضر في معهد علوم الأرض بالجامعة العبرية في القدس، إلى أن هذه الظاهرة، رغم ندرتها، قد تتكرر بسبب تغير المناخ العالمي وزيادة حالات الطقس القاسي. وأوضح أن البحيرات الجافة التي امتلأت مؤخرا، تعتبر علامات دالة على التغيرات المناخية في المنطقة.

وأضاف موشيه أن الدراسات المستمرة حول تكرار هذه الأحداث قد تسهم في فهم أفضل لديناميكيات المناخ الصحراوي وتوقعاته المستقبلية، خاصة مع قلة البيانات المتعلقة بالمناطق الصحراوية نظرًا لشح محطات الرصد الأرضية.

 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد