نصف قرن بالسجن في انتظار الإعدام..ثم ظهرت براءة ياباني

الشوارع ــ وكالات
يا ما في السجن مظاليم مقولة تنطبق حرفيا وإلى أبعد حد على مواطن ياباني ظلمه القضاء فقضى بالسجن نصف قرن منتظرا مقصلة الإعدام، قبل أن تتكشف الحقيقة ويعلن بريئا أمام العالم. من يعوض من وعماذا وبعد إيه؟

فقد أصدرت محكمة يابانية حكما بتعويض قياسي بلغ 217 مليون ين (1.44 مليون دولار) للمواطن إيفاو هاكاماتا، الذي قضى نحو نصف قرن في السجن بانتظار تنفيذ حكم الإعدام قبل أن تثبت براءته.

وفي التفاصيل، أصدرت محكمة مقاطعة شيزوكا اليابانية حكما تاريخيا يقضي بدفع تعويض لإيفاو هاكاماتا، البالغ من العمر 89 عاما، الذي قضى نحو نصف قرن خلف القضبان في انتظار تنفيذ حكم الإعدام قبل أن يتم إعلان براءته.

ووفقا لتقارير وكالة “كيودو”، التي استندت إلى تصريحات فريق الدفاع عن الرجل، فإن القرار بشأن التعويض جاء استجابة لدعوى رفعها هاكاماتا في يناير من هذا العام، وتم إصدار الحكم يوم أمس.

وأوضح فريق الدفاع أن التعويض يشمل قرابة نصف قرن ( 47 عاما) كاملة من “الحبس الجسدي منذ لحظة الاعتقال حتى إطلاق سراحه”.

وتعود فصول القضية إلى عام 1966، عندما اعتقل هاكاماتا بتهمة السطو والقتل العمد لرئيسه في العمل وزوجته وطفليهما. وبعد 20 يوما من التحقيقات المكثفة، اعترف الرجل بالجريمة، لكنه عاد ليؤكد خلال المحاكمة أن اعترافه تم تحت التعذيب، وأنه أجبر على الاعتراف زورا.

في عام 2014، أثبتت اختبارات الحمض النووي التي أجراها مختبر الطب الشرعي في محكمة شيزوكا أن الحمض النووي لهاكاماتا لا يتطابق مع العينات البيولوجية المستخرجة من مكان الجريمة. بناء على هذا الدليل الجديد، أُطلق سراح هاكاماتا مؤقتا، إلا أنه في عام 2023، أكدت محكمة طوكيو العليا ضرورة إعادة النظر في القضية أمام المحكمة الأدنى.

في نهاية سبتمبر 2024، أصدرت محكمة شيزوكا حكما جديدا ببراءة هاكاماتا، مشيرة إلى ثلاث حالات من التزوير الواضح في الأدلة التي قدمت لإثبات إدانته.

وذكرت المحكمة في حيثيات حكمها أن “هناك خطورة كبيرة للغاية على انتهاك حق المتهم في الصمت، وإجباره على تقديم اعترافات كاذبة نتيجة التعذيب الجسدي والنفسي أثناء التحقيقات القاسية وغير الإنسانية”. وبالتالي، قررت المحكمة استبعاد جميع الاعترافات والبيانات التي جُمعت بهذه الطريقة من قائمة الأدلة.

كما كشفت المحكمة عن تزوير واضح في قطعة قماش كان يزعم أنها تطابق جزءا من البنطال الذي عثر عليه أثناء تفتيش منزل هاكاماتا.

بالإضافة إلى ذلك، اعتبرت المحكمة غير منطقي أن تبقى بقع الدماء حمراء زاهية على الملابس بعد أكثر من عام من غمرها في خزان يحتوي على معجون “ميسو”. وأقرت المحكمة بأن هذه الحالات الثلاث تظهر تلاعبا متعمدا بالأدلة.
وبعد شهر من الحكم، أعلنت النيابة العامة في أكتوبر 2024 عدم استئنافها قرار البراءة، ليكون هاكاماتا بذلك قد نال براءته النهائية بعد عقود من الظلم، وأسدل الستار على واحدة من أطول وأكثر القضايا إثارة للجدل في تاريخ النظام القضائي الياباني.

ويعكس هذا الحكم التاريخي ليس فقط مأساة شخصية لرجل أمضى نصف قرن في ظروف قاسية بسبب خطأ قضائي، بل يسلط الضوء أيضا على الحاجة إلى إصلاحات جذرية في نظام العدالة الجنائية في اليابان لضمان عدم تكرار مثل هذه الحالات مستقبلاً.
تعليق:
ليس هناك مال يعوض عمرا مضى هدرا…وليست هنالك قوانين تقول كيف نعاقب من حكم خطأ وأصدر حكم إعدام تم تنفيذه…المشرع دائما ما يقضي كثيرا من الأمور عبر الصمت إزاءها..لكن الصمت لا يفيد القضاء ولا السياسة دائما.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد