عتيق بنشيكر يتذكر “دوزيم” و مساره بطريقة مبدعة ومؤلمة

يكاد يستحيل ذكر القناة المغربية الثانية “دوزيم” دون أن تقفز إلى الذهب مباشرة صور بعينها، صور لمؤسسيها ونجومها الحقيقيين من تعبوا وعرقوا وصنعوا مجد قناة كانت كبيرة وكان ينبغي أن تصبح عالمية..”لولا” ، و لولا هذه كما يقول عبد الكريم برشيد، أب المسرح الاحتفالي، هي أم الشرور والمشاكل.
دارت السنوات والعقود، وكان من بين نجوم دوزيم الحقيقيين، الزميل عتيق بنشيكر صاحب برنامج “مسار” الأشهر على الإطلاق في تاريخ التنشيط الثقافي بالقناة الثانية.
ملايين المغاربة كانوا ينتظرون هذا البرنامج/الوثيقة ليستمتعوا بفقراته الممتعة والجادة في الوقت نفسه، ومعها بأسلوب عتيق المعتق بالمعرفة والثقافة، والمهذب المثقف صاحب الصوت الدافيء والهاديء، حتى ليكاد يشعرك أنه يكلمك وحدك بكل حميمية وأخوة داخل بيتك من خلال جهاز التلفاز.
وكان المنطق ــ المفقود لشديد الأسف ــ أن يصبح عتيق مسؤولا كبيرا في القناة على الأقل، لكن كان لأصحاب النفوذ في القناة رأي معاكس لما يجب ولما ينتظره المغاربة: تصرفت الإدارة العامة للقناة بإهمال غريب، ووجد عتيق نفسه خارج اللعبة المهنية كلها، بطريقة تفتقر لأقل درجات الإنسانية والزمالة، وبذلك وقعوا على نكران جميل تعرض عتيق وأسرته بسببه لعاديات الزمن المغربي، “الاستثنائي” في تعامله مع الكرام البررة من بناته وأبنائه.
خسرت القناة ــ التي لا تهمها الخسارات ــ خسرت صوتا ووجها من وجوه النجاح لا يمكن تعويضه، وراهنوا غالبا على تدمير ذكراه، غير أن أرض الله “الرقمية” أوسع من خيالهم وحساباتهم: عاد عتيق ليطل من خلال “يوتيوب” بأريحية لم يكن ليجدها في أية قناة.
واليوم، عتيق كإنسان من حقه أن يفرح ويألم، يتذكر دوزيم، ولكن على طريقة المثقفين المبدعين ذوي العلاقة الاستثنائية مع الكلمة والمعنى. التدوينة الأحدث لعتيق بنشيكر تقول كل شيء، ولذلك نشرها حرفيا كما خطها صاحبها:

“كم كنت غارقاً في بحرٍ من الوهم وسوء التقدير، باتخاذي للشاشة بيتاً ومُقامًا
كان عليَّ أن أقتطع لها من قلبي نافذة صغيرة، تكفي للإطلالة على من أحب، وأُسَلّم على من قبِلني بكل براءة ورضى.
أقمت هناك على متن أرجوحة الحيرة، مثخناً بالانبهار والتصديق..
قضيت عمري أترنح بين زيف الوعود هدر الأسلوب…
كنت أسيراً بين جدران مضاءة، وأنوار براقة، ومسؤولين من (ورق/وتوقيع/ وختمٍ): صنع رهبتَه المتزلفون الترابيون، المنحدرون من سلالة التصابي والمحاباة والشعارات الموسمية.
الآن ورغم سقوط الأقنعة ما زال ولاؤهم لبعضهم قائما، رغم أن مستقبَلَهم كالِحٌ كوجوههم، رحّلوا شعباً بكامله إلى وجهات فيها كل شيء إلا شهد الوطن (من العفاف والطهر والفضيلة)…
وتولوا مهمات اللسع لمن اكتشفوا زيف شيخ زجاجي وخشبي.
فراش ليلى كسره المنجمون (صانعوا النجوم) والمبذرون…

وافتضوا براءة المشهد بكامله”

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد