فرنسا..الصراع بين التنوع الممكن والتقوقع الهوياتي المفروض..

بقلم: يونس التايب

فرنسا هي حاملة كأس العالم، و أكيد أنها تريد التنافس للحفاظ على موقعها على رأس هرم كرة القدم العالمية …

 هذه الليلة، فوز المنتخب الفرنسي كان مستحقا، رغم ما كان من تخوف قبلي من احتمال تأثير كثرة غيابات لاعبين كبار بسبب الإصابات و الأعطاب، على تنافسية الفريق … لكن، ذلك لم يحدث، و تأكد أن الرصيد البشري لفريق المدرب ديديي ديشان غني و فيه وفرة من التميز…

 هنيئا، إذن، للجمهور العاشق لمنتخب الديكة بفوز جميل في مباراة الليلة أمام منتخب أستراليا …

 ولأن الشيء بالشيء يذكر، و أنا أتأمل تشكيلة المنتخب الفرنسي و ما يميزها من اختلاف بين اللاعبين، سواء من جهة الهوية الأصلية أو الديانة، يسرني كيف ينجحون في تشكيل فريق منسجم بقيادة احترافية، و روح جماعية تتخطى ما يميز هذا عن ذاك، لينصهر الجميع في قميص واحد و راية وطنية توحد و تدمج … و أتساءل لماذا تفشل فرنسا في استثمار هذا النجاح و نقله لباقي مجالات الحياة، و تجاوز ما نراه من تعارض كبير مع كثرة اللغط الذي تعرفه الساحة الإعلامية الفرنسية و النقاشات البيزنطية التي لا تتوقف حول الشأن الهوياتي.

 للأسف، عوض أن نرى كيف لا يتم استثمار كل الطاقات البشرية في المجتمع الفرنسي، ضمن وحدة وطنية تدمج كل المواطنين، بعيدا عن تضخيم مسألة اختلاف الهوية الثقافية للأشخاص أو انتماءاتهم الدينية، بشكل يجعل المجتمع يغرق في فوبيا لا معنى لها، تنشر التوجس و الخوف من الآخر …

 في هذا الإطار، أعتبر أن فرنسا، الدولة و النخبة و المجتمع، تجرم في حق نفسها، و تضيع عليها فرصا حقيقية لتتطور بشكل أكبر و تحافظ على مكانتها في ساحة الأمم، بسبب عجزها عن تدبير التنوع الثقافي الذي يتميز به النسيج الديمغرافي الفرنسي.

 و لو أنني أشك في إمكانية أن يتحقق ذلك، أتمنى أن يجد الفرنسيون طريقهم للخروج من النقاش الذي يتقوقع حول سؤال “الهوية و الهويات”، ويفرغها من روافدها التاريخية، من أجل الانتقال إلى إبداع نموذج تنصهر فيه الهويات ضمن نموذج حضاري فرنسي منفتح يؤمن بالاختلاف و يحارب التهميش الثقافي … و … #سالات_الهضرة

www.achawari.com


 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد