في ليالي المغرب الظلماء..لن يفتقد للملك والشعب بدر

الشوارع ــ المحرر

يعيش كوكب الأرض بأسره، وضمنه بلادنا، هذه الأيام حقبة عصيبة من تاريخ البشرية عنوانها الموت والفناء المتربصان بالكائن البشري، من قبل أشباح لا ترى اسمها كورونا.

هي أزمة تاريخية لن يكون العالم بعدها هو نفس العالم الذي كان قبلها، وحتما نتقاسم في المغرب مع ملايير سكان العالم مشاعر متشابهة من حيث الخوف من الآتي، والأمل في تجاوز المحنة بخسائر مقدور عليها.

تتبع المغاربة في البدء أخبار الوباء بمزيج من الاهتمام والاستخفاف وغير قليل من السخرية التي لم تكن في محلها إنسانيا وأخلاقيا، واليوم دقت ساعة الجد وشرعت إجراءات الاحتراز توقظ من كان في سبات.

وفي وقت أزمة كهذا تخرج الأمم والشعوب والدول ما بدواخلها من قدرات على الإبداع وتجارب في مواجهة الأخطار ومراس في تدبير الكوارث.

والمغرب، البلد القوة غير العظمى ماليا أو عسكريا، له من المقومات كدولة عمرها قرون عديدة ونظام سياسي واقف على قدميه بثبات، ما يمكنه من مجابهة هذا التحدي بشجاعة وكفاءة.

لماذا نعلن عن هذه القناعة بكل ثقة؟

ببساطة لأن الحالة المغربية سياسيا وشعبيا ولادة وحبلى بالمفاجآت، وما أن يفتح باب العمل ويرتفع منسوب الحس الوطني حتى ترى عجبا، ومن أفقر الحارات يخرج أبطال ومن حيث لا نتوقع تأتي الحلول.

ولقد عبر الملك محمد السادس إلى حدود اليوم عن هذه الحقيقة الكامنة في الكيان المغربي، باعتباره قائدا للبلاد وعارفا بأدق الأسرار، حين وجه بالشفافية مع الرأي العام، وأغلق الحدود ثم أمر بصندوق برصيد مليار دولار.

لقد تصرف رئيس الدولة بمنطق: حصن البلاد برا وجوا، ورصد من المال ما يفيد في مكافحة الجائحة ومخلفاتها على الناس والاقتصاد، ويقينا في جعبته حزمة كبيرة من الإجراءات حال استجد أي أمر.

في مثل هذه الأحداث الكبيرة تشرئب الأعناق وتتطلع الأبصار إلى القادة. ولن يكون مستغربا القول إن المغاربة يسرون لأنفسهم حديثا باطنيا: مدبرها حكيم..وهناك الملك وسوف يتصرف..وفي تعبير آخر: الدولة ستقوم بشغلها.

ولم تأت هذه الأماني إلى المغاربة من باب أضغاث الأحلام لأن ذكاء الشعوب لا يمكن خداعه. إن المغاربة ومهما كان تبرمهم من سلوك وشطط بعض رجال السلطة فإنهم لا يكفرون بالنظام العام ولا يبغون عوضا عن عمود الخيمة.

لكن اتكاءنا على نظام سياسي ومؤسسات صلبة لا يعفينا من المسؤولية الجماعية لتجاوز هذا الوادي الزمني الموبوء.وهناك حقيقة لا سبيل لنكرانها: مهما بلغت قوة السلطات وإمكاناتها فلا سبيل لبلوغ الغاية ما لم ننضبط للتالي:

ــ الثقة في المؤسسات والانضباط الواعي لكل القرارات الصادرة عنها والامتثال لأي إجراء صادر.

ــ السلطات ستفعل ما ستفعل لصالح الشعب والأمة والوطن في النهاية، ولا ضير في تقاسم الأعباء وتحمل الضريبة.

ــ التعود من قبلنا جميعا أغنياء وفقراء على التقشف وتقاسم المحنة، وهو تمرين سوف ينشط الدورة الدموية للوطنية التي بردت في أوصال كثير منا جراء الأنانية المفرطة المقيتة.

ــ لابد للأغنياء الأثرياء أن يردوا الصرف: فعلى كل ذي ثروة أن يساهم طوعا أو كرها في الصندوق الذي أحدثه الملك حتى يصير من مليارات الدولارات وليس مليارا فحسب.

ــ علينا ألا نقنط فقد عمت ويجب أن تهون مهما طالت، وعلينا أن نتذكر أننا محظوظون بأمرين: اطلعنا على تجارب الآخرين ولابد أن نستفيد من الدروس، ثم حرارة المغرب الأفريقي ونحن على أبواب الصيف.

ــ علينا أن نقوم بآخر ما وصلت إليه بلدان متضررة قبل فوات الأوان: الحجر المنزلي والاحتراز في الخروج إلا في أمر اضطراري.

ــ علينا أن نتقبل من إخوتنا في السلطات أو أطر الصحة أية عصبية أو سلوك خشن في هذا الظرف، فهم بشر بأعصاب مثلنا وعليهم ضغط رهيب لا يعلم ثقله  سواهم.

www.achawari.com

 

 

 

 

 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد