بلا انفعالات..نصر الله ألقى خطاب الواقعية والشفافية..والغموض
قال الرئيس الأمريكي السابق النزق دونالد ترامب لبعض الحكام العرب، وعلى المكشوف، إنه لولا الدعم الأمريكي لما ظلوا على كراسيهم أسبوعا واحد بسبب “الخطر الإيراني”، هذا الخطر الذي شطبه ولي العهد السعودي بجرة اتفاق سريع مع طهران.
غير انه لا التاجر ترامب ولا سلفه المخرف بايدن قال شيئا عن عدد الساعات التي يمكن أن يظل خلالها الكيان الإسرائيلي على قيد الحياة من دون دعم أمريكي بالسلاح والمال والإسناد السياسي.
لكن اليوم قد قيل هذا وأخطر منه لأمريكا ورضيعتها إسرائيل من قبل زعيم “حزب الله” حسن نصر الله في خطاب استغرق بالضبط ما تستغرقه مباراة كرة قدم حامية الوطيس، مع اختلاف الملعب واللعبة.
فقد استغل نصر الله لحظة تسويق سياسي إعلامي لا تقدر بملايير الدولارات ولا أطنان الذهب، لأنها وقت ذروة عالمية كانت فيها الكرة الأرضية مشدودة إلى شاشات التلفزيون والحواسيب والهواتف، فمرر رسائله مجانا وعلى راحته.
فماذا كانت هذه الرسائل؟
ــ للذين كاتوا يتساءلون: متى يدخل الحزب الحرب؟ وكأن ما يرونه من مواجهات ضارية شمال فلسطين المحتلة ليست “تدخلا” بل مجرد حركات تسخينية قبل دخول ملعب تنس. لهؤلاء قال نصر الله: تدخل الحزب في الحري في اليوم الموالي لـ 7 أكتوبر.
ــ للذين يظنون أن الكيان هو صاحب الحرب، صحح نصر الله الموضوع وصوب البوصلة نحو صاحب القرار الحقيقي في شن الحرب وإيقاف العدوان: أمريكا. وبهذا وجه أنظار العالم لتميز بين السفاح/واشنطن وسكينه/ أداته: الكيان الصهيوني المهزوم.
ــ للذين يربطون عنوة بين المقاومة الفلسطينية وإيران ومصالحها ليحرفوا الانتباه عن حرب تحرير وطني فلسطيني تجري وتدور رحاها بالدم، شدد زعيم المقاومة في لبنان على استقلالية قرار جماعات المقاومة التي تتلقى دعما علنيا من طهران؟
ــ لمن يتساءلون هل سوف تتوسع الحرب على الجبهة الشمالية: شرح نصر الله أولا فائدة ما يجري من مواجهات على هذا المحور وكيف خفف الضغط العسكري والاستخباراتي على غزة، ثم ربط بين توسيعها وما سيقوم به العدو على الساحة. فهو لم ينف إمكانية التوسيع بل أكدها وترك الباقي لغموض عسكري مقصود: متى وكيف وأين؟ لا أحد سيجيب المتلهفين لسببين:
ــ الأول: أن الخطط العسكرية لا تذاع على الشاشات
ــ الثاني: كون الغموض جزءا من الخطة المربكة للعدو
وبشكل مباشر أوصل نصر الله رسالته إلى الأمريكان بلا مظروف: في حال قررتم توسيع الحرب لتصبح إقليمية فلا عاصم لبوارجكم من نيران محور المقاومة.
أخيرا، إن كان من توصيف يليق في نظرنا بهذا الخطاب فهو “خطاب الواقعية والشفافية والغموض”، وتلك خلطة لا يتقنها سوى جهابذة اللعبة المركبة والمربكة: عسكريا وأمنيا وسياسيا وتواصليا.